الإسراف يتعارض مع قيم الصيام

نهى الإسلام عن التبذير والإسراف وجعل المبذرين من إخوان الشياطين، ولكن للأسف نجد بعض المسلمين يتفننون في إعداد الموائد بكل ما لذ وطاب ويفيض الكثير من الأطعمة التي يكون مصيرها صناديق القمامة وخاصة في شهر رمضان المبارك الذي يكون فيه الإسراف في الأطعمة والأشربة بشكل ملحوظ. فما رأي علماء الشرع والطب في ذلك؟

في البداية، يحذرنا د ..خالد الصالح من اثر التخمة على جسد الإنسان فيقول: من اكثر المشكلات الصحية اضطرابات الجهاز الهضمي التي يصاب بها كل إنسان في حياته ولو مرة واحدة، كما يصيب عسر الهضم على الاقل 8% من مجموع السكان، وتزيد المشكلة ونسب المرض لدى الشعوب صاحبة العادات الغذائية السيئة وفي شهر رمضان بالذات تزيد شدة هذه الاضطرابات وما يصحبها من عسر هضم شديد نتيجة خلل في حركة الجهاز الهضمي ونتيجة التهام كميات كبيرة ومتنوعة من الأغذية الدسمة والسكريات واللحوم.

وينصح د.الصالح بعدم التهام كميات كبيرة من الطعام، حيث إن ذلك يزيد من اعراض عسر الهضم والحموضة وحرقة الصدر. كما يجب على الصائم الابتعاد عن الدهون والإقلال من تناول السكريات والعصائر المركزة، لأن هذا يتسبب في زيادة عسر الهضم والارتجاع الحامض وانتفاخ البطن، كما نصح الصائمين بإعطاء المعدة الفرصة الكافية لإفراغ محتوياتها إلى الأمعاء، حيث يستغرق ذلك ما بين 3-5 ساعات حسب طبيعة كل إنسان ونوعية الطعام الذي يتناوله، حيث تستغرق المواد الدهنية والاطعمة الدسمة فترة اطول في المعدة من تلك المحتوية على مواد سكرية ونشويات مما يعطي شعورا بالامتلاء الشديد ولفترات طويلة عقب تناول كميات كبيرة من الاطعمة الدهنية وبالذات لدى مرضى الكبد والجهاز المراري، حيث يشعر المريض بضغط الاكل في اعلى البطن وقد يشعر المريض بصعوبة في التنفس والنهجان اذا كانت الوجبة كبيرة، وبالتالي فإن عدم انتظام الوجبات او تناول كميات من الاكل بصورة مفاجئة مثل افطار رمضان الذي يكون عقب فترة صيام طوال اليوم يزيد الاحساس بأعراض عسر الهضم.

وينصح د.الصالح بان يتدرج الصائم في تناول وجبته فيبدأ بالتمر والمياه او الشوربة ليمهد لمعدته استقبال الطعام ثم يأتي بالوجبة الرئيسية مع الحرص على الاكل ببطء وأن يتوقف الصائم عن تناول الوجبات السريعة ويشرب الماء ويتناول المزيد من الفاكهة والخضراوات، كما عليه ان يحافظ على وجبة السحور، فهي تزوده بالطاقة خلال نهار رمضان.

الإسراف في رمضان مذموم

ويؤكد د.محمد البراك أن الإسراف والتبذير من المعاصي والذنوب التي ذمها الله تعالى ونهانا عنها، فقال تعالى: (وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين – الأعراف: 31)، وقال – سبحانه وتعالى: (وآت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل ولا تبذر تبذيرا إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا – الإسراء: 26-27).

والإسراف هو الإنفاق الزائد عن الحاجة في الحلال، والتبذير هو الإنفاق في غير حق وفي معصية، فهذه الآيات تنهانا عن الإسراف والتبذير، وتحثنا على الاعتدال والوسطية في الإنفاق والطعام والشراب.

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كلوا وتصدقوا والبسوا في غير إسراف ولا مخيلة» رواه النسائي وابن ماجه، وكان ابن عباس يقول: كل ما شئت، والبس ما شئت، ما أخطأتك خصلتان: سرف ومخيلة.

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يرشدنا إلى الاعتدال في المأكل والمشرب: «ما ملأ آدمي وعاء شرا من بطنه، حسب ابن آدم أكلات يقمن صلبه، فإن كان فاعلا لا محالة، فثلث طعام، وثلث شراب، وثلث لنفسه» رواه النسائي والترمذي.

والإسراف في رمضان أصبح ظاهرة بين الأغنياء والفقراء، وآفة من آفات العصر ينبغي البعد عنها والتخلص منها، فالغاية من الطعام والشراب هي التقوي على العبادة وطاعة الله عز وجل، والفوز برضوانه والعتق من نيرانه.

ومن حكمة مشروعية الصيام الشعور بالفقراء والمساكين والمحتاجين، وتذكر حقوقهم على الأغنياء، وليدفعنا ذلك لنزكي أنفسنا ونطهر قلوبنا ونزداد تقوى وقربا من الله عز وجل، وبذلك يكون الصوم عبادة ربانية فيها تدريب النفس على الصبر والسكينة ورفع الهمة والعزيمة، وكبح هوى النفس عن المباحات والتقليل منها لنكون بعد رمضان أقدر على البعد عن المحرمات.

فعلينا أن نحذر من الإسراف في إقامة الولائم والتنافس في أنواع الطعام والشراب، وألا نجعل شهر العبادة والصيام موسما سنويا للأكل والتباهي والتفاخر بكثرة أصناف الطعام والشراب مما يجعل الفقراء يزدادون شعورا بالجوع وضيق ذات اليد والحاجة، ولا يجدون من يعطف عليهم ويسد رمقهم ويقضي حاجاتهم.

كما علينا أن نبتعد عن مظاهر الإسراف في شهر رمضان ككثرة التسوق بشراء كميات كبيرة من الطعام والشراب واللباس والزينة للمنازل بكميات زائدة عن الحاجة. فقد كان رمضان يمر على النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه باليسير من المؤونة والطعام، لأنهم كانوا يهتمون بصرف الجوارح إلى فضائل العبادات في هذا الشهر، ويعتنون بصفاء النفس، وبذلك تسمو الروح وتحصل تقوى الله تعالى التي هي الغاية من شهر رمضان.

شاهد أيضاً

وفيات الجمعة 26-4-2024

زهرة سالم عبدالرحمن الباروني، أرملة/ مصطفى حسين هاشم بن يوسف، 75، (شيعت)، الرجال: حسينية آل …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

كويت نيوز

مجانى
عرض