مؤتمر لندن للمانحين و وضع اللاجئين السوريين

441

كويت نيوز: بحث مؤتمر المانحين حول سوريا  بالعاصمة البريطانية، سبل توفير التمويل من أجل تلبية الاحتياجات الفورية وطويلة الأجل للمتضررين من الأزمة السورية، بينما تعهدت برلين بتقديم نصف مليار يورو إضافية لدعم ضحايا النزاع السوري.

ويشارك في المؤتمر -الذي ينظم بشكل مشترك من قبل كل من بريطانيا وألمانيا والكويت والنرويج والأمم المتحدة- زعماء أكثر من سبعين دولة ومؤسسة دولية ومنظمات مجتمع مدني وشركات خاصة.

في المؤتمرات السابقة التي استضافتها الكويت، كانت معظم التبرّعات تأتي من الدول العربية، على رأسها الكويت نفسها. وكانت التبرّعات السخيّة للكويت من بين الأسباب التي دفعت الأمم المتحدة إلى تكريم أمير الدولة الشيخ صُباح الأحمد الجابر الصباح ومنحه لقب «القائد الإنساني».
لم تعد نار الأزمة السورية تكوي سورية والجوار المباشر، امتدّ الحريق إلى أوروبا التي تسعى حاليا إلى منع النار، نار الإرهاب خصوصاً، من الانتقال إليها.

في الوقت الذي كان المؤتمر منعقداً، كان رئيس الوزراء التركي أحمد داوود أوغلو يثير مسألة استمرار تدفّق السوريين الهاربين من حلب ومحيطها في اتجاه بلده. هناك بالفعل رغبة روسية وإيرانية بالاستجابة لما يريده النظام، أي تهجير أكبر عدد من السوريين من سورية.

شاركت الكويت في مؤتمر لندن بعدما كانت استضافت المؤتمرات الثلاثة السابقة المخصصة لمساعدة الشعب السوري المظلوم.

كان الشيخ صُباح الأحمد دقيقاً في توصيفه للوضع السوري وذلك عندما قال إن «المأساة الانسانية في سورية لن تنتهي الّا بحلّ سياسي يحقن الدماء ويعيد الاستقرار الى عالمنا»، مضيفاً أنّ «آثار هذه الكارثة المدمّرة لم تقتصر على اقليمنا الذي يعاني حالياً من تبعاتها، بل تجاوزته لتصل الى قارات أخرى ومنها أوروبا التي وفد اليها اللاجئون بأعداد كبيرة طلباً للأمن والعيش الكريم، كما انتقلت اليها المنظّمات الارهابية التي انطلقت من بؤر التوتّر لتمارس اعمالها الاجرامية الدنيئة في بعض الدول الاوروبية».

تطرّق أمير الكويت الى مسألة في غاية الأهمّية هي مستقبل الأطفال السوريين قال: «انّنا مطالبون بالتفكير في فلسفة جديدة لتقديم الدعم والمساعدة للنازحين واللاجئين عبر اعتماد برامج وخطط توفّر لهم فرصا للتعلّم وتحفظ الأطفال من ضياع حقّهم فيه».

تعود أهمّية مؤتمر لندن الى الجهد الذي بذل من أجل ايجاد مقاربة شاملة للأزمة السورية. لا بدّ من الاعتراف قبل كلّ شيء ببداية وعي أوروبي لحجم الأزمة وللتهديد الذي تتعرّض له القارة. هذا ما دفع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل الى الاعلان عن تبرّع بمبلغ مليارين وثلاثمئة مليون يورو تذهب للسوريين والدول المحيطة. كانت هناك أيضا تبرعات سخية من بريطانيا بلغت مليارا ومئتي مليون جنيه استرليني ومن النرويج التي قدّمت مليارا ومئة وسبعين مليون يورو، فيما اكتفت الولايات المتحدة بتقديم ثمانمئة وتسعين مليون دولار.

بات على أوروبا أن تدافع عن نفسها. بات عليها المحاربة على جبهتين الأولى منع اللاجئين من الوصول اليها والأخرى مواجهة روسيا وايران اللتين تعملان على ابقاء النظام، أقلّه صورياً، من أجل متابعة عملية تفتيت سورية وتهجير السوريين.

بدا واضحا من الكلمات التي ألقيت في مؤتمر لندن أن تركيا تشعر بتهديد مباشر لها وأن من الصعب أن تبقى متفرّجة على ما يدور على حدودها. كذلك، بدا واضحاً أن الأردن من الدول القليلة التي تعرف كيف تدافع عن مصالحها وعن مصالح شعبها. يدلّ على ذلك حضور الملك عبدالله الثاني الى لندن والقائه كلمة أعطت بعدا آخر للمؤتمر.

مرّة أخرى، أظهر عبدالله الثاني كم هو بعيد النظر وكم هو قادر على النظر الى الأزمة السورية من زاوية مختلفة، اذ قال: «اننا نلتقي اليوم في هذا المؤتمر للمانحين تحت شعار دعم سورية والمنطقة. الّا أنني على قناعة بأن اجتماعنا يتجاوز في اهدافه قياس مستوى استعدادنا لتقديم المساعدة والدعم فقط». أضاف: «انّ الاساليب التقليدية لمعالجة الأزمات ما عادت وبكل وضوح ناجعة في مواجهة التحديات الخطيرة التي نواجهها. بناء عليه، نحن في حاجة الى عمل أوسع نطاقاً وأكثر جرأة». ليست لدى الأردن عقدة التوطين وما شابه ذلك، هو الذي استقبل مئات آلاف اللاجئين من كلّ دول المنطقة، بما في ذلك أولئك الذين أتوا اليه من فلسطين والعراق. لذلك دعا الى «نهج يعطي الأولوية لتمكين اللاجئين واعتمادهم على الذات، بدل الاتكال على المساعدات».

كذلك دعا الى الاجابة عن سؤال «لماذا يجدر منح الأردن أهمّية خاصة دون دول العالم الأخرى المحتاجة للدعم؟» أوضح «انّ الاردن ليس بلدا فقيرا يطلب الدعم، بل هو معطاء وكريم بسخاء. لكن لكم أن تتخيّلوا لو أن الأردن تصرّف بطريقة مغايرة ولم يسمح للاجئين بدخول بلدنا على مدار العقود الماضية. ماذا سيكون أثر ذلك على المنطقة الآن وعلى السلم والامن العالميين؟» كذلك قال: «اننا نعيش اليوم واقعا مفاده أن واحدا من كلّ خمسة أشخاص يعيشون في الأردن هو لاجئ سوري، وهذا يوازي استيعاب المملكة المتحدة لسكان بلجيكا جميعا (…) أكاد أجزم أنّه لا توجد دولة نامية أخرى ساهمت أكثر من الأردن في حفظ الأمن العالمي».

كان مؤتمر لندن نقطة تحوّل، خصوصا أنّه جاء بعد أربعة وعشرين ساعة من تعليق لقاء جنيف ـ 3 نتيجة امعان روسيا في البحث عن حلّ عسكري في سورية.

هناك بداية لبحث جدي في تأثير الأزمة السورية على السلم والأمن العالميين. نجح عبدالله الثاني في لفت أوروبا الى هذا الأمر وذلك من منطلق الضغوط التي تعرّضت لها دول القارة أخيرا. هناك للمرّة الأولى بوادر تفهّم لحقيقة أن ايجاد حلّ في سورية يساهم في القضاء على الارهاب. لا ينمو الارهاب الّا في ظل الفقر وغياب الاستقرار. ليس صدفة أن الاردن لم يحافظ على استقراره الّا لأنّه، على خلاف النظام السوري، لم يستثمر في الارهاب ويشجّعه ويسعى الى استغلاله. على العكس من ذلك دخل باكرا في مواجهة مباشرة مع الارهاب بكلّ أنواعه.

هل من يتذكّر أن الاردن لعب دورا بارزا في القضاء على «أبو مصعب الزرقاوي» في داخل العراق وذلك قبل أن يبدأ الكلام عن «داعش» وما شابه «داعش»؟

بعد مؤتمر لندن،هناك ظهور لوعي حقيقي في أوروبا لأهمّية مساعدة اللاجئين السوريين والسعي الى بقائهم غير بعيدين عن سورية. ما الخطوات السياسية التي ستتبع ذلك؟ المال يمكن، من دون أدنى شكّ، أن يكون عاملا مساعدا. لكنه ليس العامل الحاسم.

هل في استطاعة أوروبا حمل الادارة الأميركية على لعب دور أكثر فاعلية في التخلص من النظام السوري؟

من دون خطوة من هذا النوع، ستظلّ المساعدات المالية، مهما بلغ حجمها، مجرّد مسكّن لا أكثر. المال ليسّ حلّا. في غياب الحلّ، ستكون الحاجة الدائمة الى مؤتمرات مثل مؤتمر لندن تغطي العجز عن الذهاب الى لبّ المشكلة الذي هو النظام السوري ولا شيء غبر ذلك!

شاهد أيضاً

عشرات الأعاصير تضرب الغرب الأوسط الأمريكي وتسوي أحياء كاملة بالأرض

تعرض وسط الولايات المتحدة الأمريكية لعشرات من الأعاصير القوية الجمعة تسببت في تسوية أحياء كاملة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

كويت نيوز

مجانى
عرض