شهر رمضان هل هو شهر للأغنياء فقط

20130709-203509.jpg

كويت نيوز :

وسط تزاحم الأحداث وهرولة الأيام إذا بشهر رمضان أتي علينا وسط زخم من موجهة ارتفاع الأسعار ، لتجد الأسر نفسها أمام مأزق شديد؛ إذ غالبًا ما تعجز ميزانية الأسرة في رمضان عن الوفاء بمتطلبات أفرادها نظرًا لكثرةِ النفقات خلال الشهر الكريم، فبعض الأسر يكون كل همها شراء اللحوم والمكسرات والفواكه المجففة، وكميات مضاعفة من السكر والسمن والدقيق لحلوى رمضان اليومية، بالإضافةِ إلى مبلغٍ إضافي لولائم رمضان، وآخر لملابس العيد ونزهاته إلى غيره من همومِ ميزانية شهر رمضان أرقام العام الماضي تقول: إنَّ المصريين أكلوا في الأسبوع الأول من رمضان الماضي 2.7 مليار رغيف و10 آلاف طن فول و40 مليون دجاجة! بجانب الازدياد الملحوظ في معدلاتِ الاستهلاك التي ارتفعت 200% للمسلى والزبادي و50% للحوم والسكر. كما أثبتت دراسة للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عام 2008م أنَّ المصريين ينفقون أكثر بمعدل 1.5% خلال الشهر الفضيل على المواد الغذائية، وترصد الدراسة عددًا من الموادِ الغذائية التي يزيد استخدامها، في مقدمتها: السكر، واللحوم البيضاء، والأرز، و”المكرونة”، يليها الزيوت ثم الخضراوات والفواكه، فضلاً عن الدقيقِ الذي يتسابق الجميع على شرائه لخبز كعك العيد. وتقول سامية بكري ربة منزل وأم لـ8 أبناء: إنَّ مصاريف رمضان تُثقل كاهل الأسرة بالكثيرِ من الأعباءِ المادية، فارتفاع الأسعار يُمثِّل بالنسبةِ لها تحديًا كبيرًا عليها أن تُواجهه، فالأسعار ارتفعت بأكثرِ من الثلثِ في وقتٍ قليل جدًّا، وهو ما ضاعف من ميزانيةِ الأسرة خاصةً وأن دخلنا لم يزدْ بنفسِ درجةِ الأسعار، ومن المعروف أن نفقات الأسر تزيد في رمضان؛ لأن الصائمَ يحتاج إلى تغذيةٍ جيدةٍ بعد الجوعِ طوال اليوم؛ ولذلك فنحن نكاد نستغني تقريبًا عن الوجباتِ الشعبية ذات السعر المتوسط في إفطارِ رمضان، وهو ما يزيد من الأعباءِ المادية. وتضيف قائلةً: إن شهرَ رمضان الكريم يتزامن قدومه هذا العام مع فترةِ دخول المدارس والتي تحتاج إلى المزيدِ من الأموال لشراءِ ملابس الأبناء، بالإضافةِ إلى مصروفاتِ الدراسة، وهذا أيضًا عبء جديد على ميزانية أسرتنا في رمضان. وتقول عزه مختار- ربة منزل وأم لـ3 أبناء-: إنَّ نفقات أسرتنا في رمضان لا تقتصر على اللحومِ والخضراواتِ فقط, وهو ما يزيد من الضغوط والأعباء على الأسرة في هذا الشهر الكريم، بالإضافةِ إلى نفقاتِ البسكويتِ وكعك العيد، ونظرًا لارتفاعِ سعر الدقيق والزيت والسكر والسمن فإن هذا يُمثِّل مأزقًا جديدًا يواجه ميزانية الأسرة في رمضان، هذا بالإضافةِ إلى ملابس العيد التي تحتاج إلى الكثير من الأموال، والأبناء لا يعرفون كلمة “معلهش وهو ما يُسبب لنا ضغطًا نفسيًّا نحسب له حسابه منذ بدايةِ شهر رمضان المبارك. وتؤكد مها صابر ربة منزل وأم لـ4 أبناء: إنَّ ميزانيةَ الأسرة سواء في رمضان أو غير رمضان تُعاني، فالأسعار في تزايدٍ مستمرٍ، ونحن لا نُلاحظ أي دورٍ من جانبِ الحكومة لتحجيم هذا التزايد المطرد، وكان على الحكومةِ أن تتدخل لإعادة الأمور إلى نصابها وإحداث هدوءٍ ولو بشكلٍ نسبي، بدلاً من تركِ الناس فريسةً سهلةً للسوقِ السوداء. أما آمنة محمد عبد الحميد- ربة منزل وأم لـ4 أبناء- فتقول: إنَّ الأسرَ في رمضان تتعامل بالمثلِ الذي يقول “أيام رمضان: عشرة مرق، وعشرة حلق، وعشرة خلق”؛ أي أن ميزانيةَ الأسرة في رمضان مقسمة كالتالي- الأشياء الأكثر استهلاكًا- العشرة أيام الأولى من الشهر الكريم يستهلكون في الولائم واللحوم، والعشرة أيام الثانية تستهلك الميزانية في البسكويت وكعك العيد، أما العشرة الأخيرة فإنها من نصيبِ شراء الملابس. وتضيف أن هذا المثل يتبعه الكثير من الأسر المصرية، وهو ما يحول الشهر الكريم عند هذه الأسر إلى مجرد متجرٍ يتسوقون فيه ويحققون فيه رغباتهم المادية، وهذه الأسر يفوتها من الخيرِ الكثير؛ لأن الرسول- صلى الله عليه وسلم- مَن صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدَّم من ذنبه. وعن كيفية تدبير الاحتياجاتِ الإضافية تقول أمينة محمد- ربة بيت وأم لثلاثة أولاد-: إنها غالبًا ما تلجأ لعمل جمعيةٍ لشراءِ احتياجاتِ رمضان والعيد، خاصةً أنَّ المصروفاتِ في هذا الأيام لا تتوقف عند حدٍّ، ولكن هناك أيضًا ملابس العيد ولوازم الكعك من الدقيق والسمن؛ وهو ما يعني احتياجها لميزانيةٍ ضخمةٍ تفوق ميزانية الشهر العادي. لا تسرفوا وعن الطريقةِ الصحيحةِ لتناول الطعام توضح سلمي عبد الحميد خبيرة التغذية بوزارة الصحة لا يوجد أفضل من المنهج القرآني، فالله عز وجل يأمرنا بألا نسرف في تناول الطعام: ﴿يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (31)﴾ (الأعراف)، ويقول الله تبارك وتعالى: ﴿وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا (26) إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا (27)﴾ (الإسراء). وتضيف: إنَّ الآيتين الكريمتَين مدلولهما أن الإسراف لا يُحبه الله، ورمضان ليس شهر أكل وشرب ولكنه شهر عبادة وإنابة، كما يقول الرسول عليه الصلاة والسلام: “بحسب ابن آدم لقيمات يُقمن صلبه فإن كان لا محالةَ فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه”، وينصح المتخصصون بإتباع المنهج النبوي في طريقة تناول وهو ما يتبعه علماء التغذية في الغرب الآن؛ فقد ثبت أن كثرةَ الأكل وملء المعدة بالطعام يجعلها تتمدد فتضغط على الحجابِ الحاجز الفاصل بين الجهازين الهضمي والتنفسي فيقل الفراغ المتاح للرئتين فلا تستطيعان التمدد للتنفس كما ينبغي، فيسبب ذلك ضيق النفس. حسب الاحتياج ونحن على أبواب رمضان أنه من المحتمل أن ترتفع أسعار السلع والخدمات بشكلٍ ملحوظ، وهو ما سيكلف ميزانية الأسرة في رمضان الكثير من المتاعب وستواجه الأسر المزيد من الضغوط. وحمَّل الدسوقي الحكومةَ المسئوليةَ عن أي زيادةٍ في الأسعار وما قد تواجهه الأسر من متاعب خاصةً في شهر رمضان، الذي يزيد فيه الإنفاق عن أي شهرٍ آخر، وهذه ستكون مسئولية ملقاة على عاتق الحكومة الذي من المفترض أنها تسعى إلى أن لا توجَّه لها انتقادات من أحد، خاصةً وأنَّ شهر رمضان لا يتحمل أي أزماتٍ، ومن المتوقَّع أن ترتفع الأسعار ولكن هناك مساحاتٌ قد تحتمل الارتفاع خاصةً مساحة السلع الاستثنائية مثل المكسرات وياميش رمضان، ولكن ما ليس مسموحًا به هو منطقة السلع الأساسية وهي ما نعتبرها منطقةً محرمةً، إذ الزيادة فيها ستكلف ميزانية الأسرة في رمضان الكثير من الأموال. ليس من المقبول أن تسمح الدولة بارتفاع الأسعار، وهي التي تستطيع أن تسيطر عليها خلال الانتخابات، ونأمل أن تحافظ الحكومة على مستوى أسعار السلع الأساسية لأن أهميتها كبيرة مقارنةً بالسلع الاستثنائية خاصةً وأنَّ الضغطَ على هذه السلع يزداد في شهر رمضان الكريم. وعن كيفية تغلب الأسر على الأزماتِ التي تواجه ميزانيتها في رمضان قال: على الأسر أن تشتري احتياجاتها أولاً بأول؛ لأنَّ الإقبالَ على شراءِ السلع دفعةً واحدةً يساعد على ارتفاعِ أسعار هذه السلع؛ لأن السوقَ لا يخضع إلا للعرضِ والطلب، ومن ثَمَّ يجب عدم الاندفاعِ في شراءِ السلع مرةً واحدةً. وأضاف أنه على جمعياتِ المجتمع المدني الخاصة بحمايةِ المستهلك أن تنشط حتى يتم توعية المواطنين بما لهم وما عليهم أن يفعلونه إذا ما لاحظوا زيادةً في أسعار السلع والخدمات، هذا إلى جانبِ دور منظمات حقوق الإنسانِ في المطالبة بحقوقِ المواطنين، فتوعية المستهلك والدفاع عن حقوقه أشياء أساسية في المجتمعات التي يتم تحديد الأسعار فيها طبقًا للعرض والطلب. ينتظر المسلمون شهر رمضان في شتى بقاع الأرض بشغف ولهفة، ويستقبلونه بالبهجة والسرور، ألسنتهم تلهج بالدعاء للرحمن أن يبلغهم إياه؛ عسى أن يصيبوا نفحة من نفحاته الكريمة لا يشقوا بعدها أبدا، ولكن اقتران قدوم الشهر الفضيل ببداية العام الدراسي أطفأ فرحة الكثيرين من ذوي الدخول المحدودة، الذين سارعوا بإعادة ترتيب أولوياتهم بحثا عن مصرف يمكن تأجيله أو الاستغناء عنه دون جدوى … خاصة بعد أن عصفت موجة الغلاء بما كانوا يملكونه من مدخرات بسيطة كانوا يستعينون بها في شراء أشياء بسيطة تدخل البهجة على بيوتهم وينتظرها أفراد الأسرة من العام للعام، فوقعوا فريسة لحالة من الأسى والقلق، وسيطر عليهم الوجوم، واختفت من على شفاهم الابتسامة التي اعتادوا أن يستقبلوا بها الشهر فقد اعتادت الأسرة المصرية على استقبال شهر رمضان بممارسات ثابتة لا تختلف من عام لآخر.. تقوم فيها بشراء لوازم رمضان من الحلوى وأنواع الياميش المختلفة التي لا تخلو من بعض المكسرات، مع ادخار جزء من الميزانية لشراء كعك العيد والملابس الجديدة في نهاية الشهر، لكن هذا العام لم تتمكن معظم الأسر من شراء هذه الأشياء رغم بساطتها، واختفى فانوس رمضان من أيدي معظم الأطفال، وبدلا من أن تزداد قائمة المطلوبات لكل أسرة زادت قائمة الممنوعات ببنود كانت في الماضي القريب من الضروريات، لكنها وبقدرة قادر تحولت وبفضل الغلاء لتصبح من المحظورات. قائمة الممنوعات “محسن إمام”، مدير حسابات بإحدى الهيئات الحكومية، أسرته مكونة من أربعة أفراد، ورغم أنها أسرة صغيرة فإنها لم تنعم بحياة أفضل كما تعد الإعلانات، فأقساط القرض والجمعيات والسلفيات تلتهم ثلث دخل الزوجين معا، الذي يزيد في مجموعه عن 2700 جنيه بقليل (540$ تقريبا)، والثلث الثاني موزع بين الطعام والشراب بواقع عشرين جنيها يوميا، وتلتهم بقية الاحتياجات المنزلية مثل فواتير الكهرباء والغاز والهواتف المحمولة والأرضية ما تبقى من الدخل؛ حيث إنهم يضغطون الإنفاق على الطعام إلى أدنى حد ممكن، فيكتفون بوجبتين فقط يوميا، يتناولون فيها كيلوجراما واحدا من اللحم أسبوعيا مقسما على أكلتين، في كل منها 500 جرام، يلي كل منها يوم خال من اللحوم اعتمادا على الخضار والأرز المطهي مع ما تبقى من اللحم من اليوم السابق، ويعتمدون على البروتين النباتي باقي أيام الأسبوع، وغالبا ما يستعيضون عن اللحوم بالفراخ أو الأسماك لمزيد من ضغط النفقات في النصف الثاني من الشهر. يقول عائل الأسرة: “أشد ما يحزنني أنني أجد نفسي مضطرا لإضافة المزيد من الاحتياجات الأساسية لقائمة الممنوعات، آخرها كان كوب اللبن والخبز الإفرنجي، حتى عصير القصب دخل القائمة السوداء بعدما تعدى سعر الكوب حاجز الجنيه”.ويستطرد: “أما الثلث الأخير فثلثه مصروف يد لي والآخر لزوجتي، وهو ما لا يكفي عادة تغطية نفقات الانتقال لأعمالنا التي تلتهم الجزء الأكبر منه، حتى إنه لم يعد هناك ما يتبقى لتناول كوب من الشاي بالكافيتريا ولا سندوتشات الفول والطعمية (وجبة الإفطار المفضلة لدى عامة المصريين)، وما بقي فهو مصروف للبنتين 50 جنيها لكل منهما (10$ تقريبا) والباقي لمواجهة العوارض الصحية وغير الصحية التي لا يكاد يخلو منها شهر. الجمعيات هي الحل ويحاول السيد “محسن” التغلب على هذه الأزمات الشهرية بالجمعيات التي لولاها ما كان ليستطيع أن يدفع قسط مصاريف الدراسة 1350جنيها (270$) للفصل الدراسي الواحد لكل بنت من ابنتيه بالمرحلة الابتدائية، أو أن يدفع مصاريف الكتب 100 جنيه (20$)، ولا أن يشتري لهما الملابس المدرسية والرياضية التي تخطت حاجز المائتي جنيه، والحقائب التي وصل سعرها خمسين جنيها، والأحذية التي تلتهم وحدها مائة وخمسين جنيها، بخلاف الكراسات والكشاكيل والأقلام وغيرها من الأدوات المدرسية التي يقوم بشرائها دفعة واحدة من أسواق الجملة بالفجالة؛ للاستفادة بفروق الأسعار على سبيل التوفير. يقول الأب المثقل بالأعباء: وسط هذا الزخم يأتي رمضان بما يتطلبه من عزائم وفوانيس وحلويات، ومن بعده العيد وموسم الشتاء.. رحماك بعبيدك يا رب، لم أستطع سوى شراء ربع كجم من أصناف المكسرات حتى لا يشعر الأولاد بما نعانيه من حرمان، الأسعار نار وبعض الأصناف ارتفع سعرها لأكثر من ستين جنيها (12$)، حتى البلح الجاف (الأبريمي) وصل سعر الأصناف المتوسطة منه 8 جنيهات (1.5$)، ويجزم: “لا تفكير البتة في شراء فوانيس هذا العام، البنتان كبرتا ولديهما فوانيس الأعوام الماضية، وسأكتفي بشراء عينات من الكعك، أما ملابس العيد فمصرح بها للكبرى فقط؛ لأن ملابس العام الماضي لم تعد صالحة لحجمها الذي حدث به طفرة معتادة لمن في سنها، والصغرى تأخذ ملابس الكبرى باستثناء بعض التجاوزات البسيطة استرضاء لها، حتى تشعر أننا نهتم بها مثل أختها، أما أنا وأمهما فلا نشتري لأنفسنا ملابس جديدة إلا للضرورة عندما تستنفد القديمة الغرض منها تماما، ولا أذكر أنني لبست جديدا منذ أربع سنوات باستثناء الملابس الداخلية، وزوجتي ستكتفي بما اشترته العام الماضي، فهي تجدد جزئيا كل عامين حفاظا على مظهرها. عمل إضافي أما “محمد رمضان” الموظف بجامعة الأزهر فقد تفتق ذهنه عن وسيلة مبتكرة لمواجهة متطلبات شهر رمضان والعيد من أجل أولاده الستة، وهي العمل في تنظيم أحد موائد الرحمن.. يقول ضاحكا: “لم أعرف طعم المكسرات إلا بعد زواج ابنتي الوسطى من زوجها الذي يعمل بالخليج أكثر الله خيره؛ فقد ساعدني كثيرا في إتمام زفاف ابنتي الثالثة على زوجها المحامي، والآن أفكر مليا في عدم العمل هذا العام بعد تخرج ابني وزواج بناتي الثلاث، ولكن مقيم المائدة أقنعني بالعودة وزاد لي في العطاء”.السلف تلف والرد خسارة أما “أحمد مختار”، عامل سويتش، فراتبه لا يتعدى (800 جنيه – 160 دولارا) إضافة إلى 500 جنيه (100$) عائد إيجار البناية التي ورثها عن والدته، ويشكو غلاء الأسعار قائلا: “العيشة نار.. المرتب يتبخر قبل يوم 20، وأظل أعد الأيام والدقائق والثواني في انتظار المرتب الجديد.. حاولت الالتحاق بعمل إضافي كموظف أمن في المساء، ولكني وجدت أن المرتب 350 جنيها (70 دولارا) يضيع أكثر من ثلثيه على المواصلات، ولا يتبقي منه سوى مائة جنيه فقط، مقابل تحملي لمسئوليات جسام وسهري وتركي منزلي طوال الليل، فتوقفت عن العمل، لكني في المقابل أدمنت الاستدانة وعدم السداد في الموعد عملا بالمثل الشهير (السلف تلف والرد خسارة)، حتى ساءت سمعتي ولم أجد من يقرضني من جديد؛ مما اضطرني للحصول على قرض 4000 جنيه بفائدة ربوية بضمان عملي الذي يقوم بخصم 150 جنيها من المنبع، ولما عجزت عن السداد فكرت في أن أبيع شبكة زوجتي، لكنها رفضت مما أدى لاحتدام الشجار بيننا، وكاد الأمر يصل للطلاق لولا تدخل الأهل لإجباري على كبح جماح شيطاني، خاصة أننا نمر بأيام مفترجة، وانتهى الأمر بقبولي لحرماني منها ومن أطفالي وعودتها لبيت أهلها لحين تدبير أموري، وأنا الذي كنت لا أطيق فراقها، فمن أين لي بألف جنيه (200 دولار) لاستعادة أسرتي؟!ويقول “إبراهيم مصطفى”، سائق تاكسي: صافي عائد الوردية حوالي أربعين جنيها لم يعد يفي بمتطلبات الحياة لا في رمضان ولا في غير رمضان، الموظف يستطيع تنظيم نفقاته حسب دخله والاقتراض بضمان مرتبه كلما دعت الحاجة، وغالبا ما يترقب موعد القبض عند اشتداد الأزمات، فماذا يفعل من يتكسبون أقواتهم يوما بيوم؟! نحن أيضا في أزمة ونعول أسرا في مختلف مراحل التعليم، ونحتاج للنظر بعين الرأفة. أطال الله عمر والدي “محمد حسن”، زوج وأب لأربعة أولاد أكبرهم بالمرحلة الإعدادية، يعمل بعقد مؤقت صباحا بمرتب 240 جنيها (أقل من 50$)، ومثلها من عمله بحانوت لمواد البقالة أسفل مسكنه، بالإضافة إلى 500 جنيه (100$) أخرى يدعمه بها والده الذي يتقاضى معاشا شهريا لا بأس به، يقتسمه مع ابنه الذي يعتمد عليه اعتمادا كبيرا في تدبير احتياجات منزله، وأكثر ما يخشاه الطرفان أن يفقد الابن الدعم الأبوي إذا مات الأب، فعندها سيقع الابن والأحفاد فريسة للفقر والحرمان. عايز حقي أما “رجب شعبان” فيعتمد رغم تمتعه بموفور الصحة في تدبير الجزء الأكبر من احتياجات أسرته على ما يتلقاه من أهل الخير والجمعيات الأهلية الذين يتعاطفون معه وهو يترقب شهر رمضان والعيدين بفارغ الصبر؛ ليحصل على حقه الذي كفله الحق تبارك وتعالى له في أموال القادرين، ولا يحمل للدنيا هما مثل متوسطي الحال الذين يتعففون رغم ما بهم من حاجة ويقول: “أكثر ما يحزنني أن بعض القائمين على بعض الجمعيات لا يحسنون التصرف، ويسيئون معاملة روادها ويشعرونهم بالمذلة والمهانة”؛ ففي أحد الأعياد اختطف أحدهم الملابس الجديدة من يد ابنه وكسر فرحته بها وعنفه في غلظة تنم عن قلب قاس لا تعرف الرحمة له طريقا، وقال له: “هذه لليتامى فقط، تعال خذ منها بعد أن يموت أبوك”، ولولا وجود المتبرع بالصدفة الذي رق لبكاء الطفل وسارع بالتدخل لما حصل ابنه على حقه بها الذي يحق له لفقر أبيه وليس موته، كما أن هناك آخرين يصرخون بي كلما رأوني واقفا بطابور المعوزين قائلين: “المساعدات للعجزة والمسنين.. ابحث لك عن عمل وكف عن الاستنطاع”، وكأن الذنب ذنبي أن دخلي لا يفي بحاجة أبنائي الثلاثة وأمي المسنة وأبي القعيد.انتشار غريب يغطي شوارع محافظة البحيرة بلافتات تشير إلي افتتاح محل جديد عن اللحوم المجمدة” المستوردة” والأغرب منها هو تهافت أبناء المحافظة الكادحين علي شراء هذه اللحوم نظرا لرخص ثمنها وإمكانية شرائها رغم وجود بعض الإشارات الطبية بوجوب الحذر الشديد من تناول المجمدات عموما رخيصة عشرات المحلات التي وجدت في ربوع المحافظة تباينت معها أراء الناس ا/ محمد عبد الله_ دمنهور_ يقول عن سبب انتشارها وإقبال الناس عنها ” عشان الناس غلابة وحتى لو تعرف إنها تموت من المواد الحافظة سوف تأكلها وأنا اعرف إن اللحمة المجمدة لو انفكت ثم أتجمدت تدخل فيها أنواع خطيرة من البكتيريا” وأضاف ” هوة الناس تموت من الحكومة ولا تموت من الجوع ..ولولا” ا/علي محمد_ أبو المطامير_ قال ” شيء عادي انتشار محلات اللحوم المجمدة فهو نتيجة للفقر اللي الناس تعيش فيه” بينما أكد ياسر سليمان_ موظف_ أنها محاولة للقضاء علي تربية الطيور وأضاف إن الناس مازالت تقبل علي شراء الدواجن وتربيتها واعترف إن السعي وراء اللحوم المجمدة نظرا لرخص ثمنها والارتفاع الجنوني في أسعار اللحوم غير المجمدة وانخفاض مستوي المعيشة ” وأشار صلاح إبراهيم _ موظف_ “إن الناس محتجة والمعيشة صارت ضنك فشراء اللحوم المجمدة تهرب من الأصل ومحاولة لخداع النفس والأولاد بأنها يعني تأكل لحوم” أصحاب محلات اللحوم المجمدة يعتبرون هذا ” رزق من ربنا” مؤكدين حرصهم علي صحة الناس وعدم التلاعب كما كان يحدث من قبل. اللحمة لمن استطاع إليها سبيلا ولكن قصة وصول اللحوم بهذه السرعة أكدت تصريحات وزير الزراعة هل ستنعكس أزمة أنفلونزا الطيور علي أسعار اللحوم الحمراء كبديل للدواجن؟ فأجاب “ـ أنا مش عاوز الناس تبطل تأكل فراخ ، وثانياً هناك السمك ، وثالثاً اللحمة لمن استطاع إليها سبيلاً ، وخلال الفترة القصيرة المقبلة سنحاول استيراد لحوم من الخارج حتي نستطيع زيادة المعروض. وأضاف في إجابته علي “هل لحوم حية أم مجمدة ؟” بقوله” سوف نستورد لحوماً مجمدة فقط، لأن استيراد اللحوم الحية يحتاج إلي إرسال بعثات بيطرية للخارج، للتأكد من خلوها من الأمراض ومتابعتها ومعظم دول العالم التي بها حالات أنفلونزا، طاقة الطب البيطري بها أقل من المطلوب، وليست لدينا طاقة إضافية لكي نفحص اللحوم الحية بالخارج، بينما اللحوم المجمدة تأتي مفحوصة وآمنة.”وفي نفس السياق أصدر المهندس رشيد محمد رشيد وزير التجارة والصناعة قراراً بتعديل بعض أحكام لائحة الاستيراد والتصدير، لتوفير بدائل الدواجن بأسعار مناسبة للمواطنين. ويتضمن القرار تعديل البند الثاني من الفقرة الثالثة في المادة المتعلقة باستيراد اللحوم، ونص التعديل علي أن يكون المنتج “اللحوم المستوردة” معبأة في أكياس محكمة الغلق مستوفية القواعد الصحية وأن توضع داخل كل كيس بطاقة مكتوب عليها بمادة ثابتة باللغة العربية البيانات الآتية ” بلد المنشأ واسم المنتج واسم المجزر وتاريخ الذبح واسم المستورد وعنوانه والجهة التي أشرفت علي الذبح طبقاً للشريعة الإسلامية علي أن تكون هذه الجهة معتمدة من المكتب التجاري في بلد المنشأ”. وقال رشيد حينها: إن أجهزة الوزارة ستراقب تنفيذ هذه التعديلات وإلزام المستوردين وتجار اللحوم بالضوابط اللازمة للشروط الصحية وعدم المبالغة في أسعار اللحوم المستوردة المعروضة في السوق المحلية الاستيراد وكان سوق اللحوم “تجارة واستيراد” قد شهد تغيرات كبيرة في السنوات العشر الأخيرة ، وكما يقول حمدي النجار، رئيس الشعبة العامة للمستوردين باتحاد الغرف التجارية إن نادي اللحوم لم يعد كما كان في السابق حيث تراجع عدد المناطق الموردة له علي مستوي العالم، وأصبح قاصراً علي البرازيل تقريباً، إضافة إلي بعض مناطق أوروبا، بينما زاد عدد المستوردين في هذا المجال بشكل كبير، الأمر الذي خلق منافسة صحية دفعت الأسعار للاستقرار إلي حد بعيد، وساهم أيضاً في الارتقاء بالخدمات المطلوبة لهذا النشاط (النقل – التخزين) كما أن هؤلاء المستوردين مطالبون بتغطية اعتماد اتهم بنسبة ما ، لافتاً إلي عدم وجود منافسة ضارة في هذه السوق، بل تحول مستوردوها إلي أصدقاء. وأشار إلي أن مصر تطبق مواصفات شديدة التعقيد علي واردات اللحوم المجمدة لدرجة تزيد مخاوف المستوردين من عزوف المنتجين وكبار الشركات عن العمل مع مصر. وقال: إن اللحوم البرازيلية استحوذت علي شهرة واسعة في السوق، نظراً لتميزها في الطعم واعتدال سعرها، ورغم وجود أماكن توريد أخري، فإن الموقف الوبائي وحركة الأسعار غالباً ما توجه المستورد للاستيراد من البرازيل. وحول النظرة الطبية فقد أشارت عديد من المواقع الطبية إلي الطريقة المثلي لإذابة اللحوم المجمدة حيث يجب توخي الحرص عند إذابة الثلج عن الأغذية المجمدة لأن ترك الغذاء لكي يذوب خارج الثلاجة قد يؤدي لمضاعفة أعداد البكتريا التي قد يحملها. وأن أفضل الطرق للإذابة تكون بترك الغذاء على درجة حرارة الثلاجة لمدة كافية تسمح بإذابة الثلج. و يراعي في اللحوم المجمدة أن تترك لتذوب داخل إناء يوضع في أسفل موقع بالثلاجة لمنع قطرات الدم من أن تتساقط على الأغذية التي تؤكل بدون طهي ومن ثم تلافي تلوث الغذاء.

أربعة ملايين مواطن علي موائد الرحمن
كشفت دراسة عن مركزنا أنَّ عدد المواطنين الذين يحلُّون على موائد الرحمن في مصر يبلغ 4 ملايين مواطن تقريبًا منهم على الأقل 3 ملايين من أطفال الشوارع يقوم بخدمتهم 20 ألف فرد، وأرجعت الدراسة السبب في ذلك أنه بالإضافة أن الأكل بدون مقابل فإن موائد الرحمن بالنسبة للأطفال الأمر الذي يؤدي إلى شيوع الألفة والمحبة بين المقتدرين والمحتاجين، كما أنَّ هذه الموائد تُعوض أطفال الشوارع الذين فقدوا لمَّة العائلة وحضن الأسرة الدافئ ولم يبقَ لهم إلا لمَّة الموائد في رمضان وما تُقدمه لهم الأيادي الرحيمة مما يسد جوعهم ويُعوضهم أيام الفقر والحرمان في غير رمضان. في البداية قابلنا محمود حامد- 11 عامًا- قال إنه لم يُكمل تعليمه لأنَّ التعليمَ على حدِّ قوله “مش جايب همه”؛ فبعد وفاةِ والدته وزواج أبيه ترك البيت وبدأ رحلة الشارع التي وصفها بالأكثر حرية بالرغم من صعوبتها. وأضاف أن مائدة الرحمن في رمضان هي التي تجعله ينتظر هذا الشهر من العام للعام مما بها من طعامٍ لا يأكله إلا نادرًا فوجبة الفراخ والأرز والطبيخ لا يأكلها إلا في مناسبةٍ كهذه، وأنه لا يمكن أن يتخيل رمضان بغيرها. وأشار أنه لا يصوم فوالده لم يُكلِّمه عن فائدةِ الصوم وزوجة أبيه لم تُعطه الفرصةَ لكي يعرف معنى الصيام، كما أنه كان يتمنى أن يقضي رمضان في بيته مع أبيه وأمه، ولكن وفاة الأم وزواج الأب جعلها “مش فارقة معاه”. لحمة المائدة أهم أحمد سيد- 13 عامًا- أوضح أنه ينتظر رمضان من كل عام حتى يتلذذ بموائدِ الرحمن وما تحويه من أطعمةٍ لا يكلفه أكلها إلا مشوار الذهاب فقط إلى المائدة. وأنَّ هذا لا يأكله في الأيام العادية إلا إذا عطف عليه أحد وأعطاه ساندويتش لحمة، ويقول إن أكله في الظروف العادية لا يتعدى كسرة خبز ملقاة بجانبِ الطريق؛ ولذلك تُنقذه موائد الرحمن من هذه العيشة. وأضاف أن لمه العائلة لا تفرق معه فهو يترك إخوانه يأكلون فولاً وطعميةً مع أسرته ليأكل في المائدة، فالمهم هو اللحم والأكل الأفضل، وعندما سألتُه هل يمكن أن تتخيل رمضان من غير مائدة رحمن؟ أجاب بالنفي وقال: لا يمكن فرمضان من غير مائدة لا يكون رمضانَ. تعوضني حضن الأسرة في المقابل يقول فتحي علي- 14 عامًا- إنه من محافظة المنيا وهو يعمل بمجال المعمار؛ لأن يوميته “كويسة:؛ لذلك ترك التعليم من الصف الثاني الابتدائي وجاء إلى مصر لكي يعمل ويساعد والديه في ظل الظروف الصعبة التي يمرون بها. وأضاف أن صيام رمضان في القاهرة أمر بديهي بالنسبة له فهو يحرص على ذلك من أجل الإفطار على موائدِ الرحمن التي تضم أكلاتٍ شهية دون أن تُكلفه أية أموال، مشيرًا إلى أنه يريد توفير أكبر قدرٍ من المال حتى يرجع لبيته في العيد، وحول افتقاده لحضن الأسرة ولمه العائلة أكد أنه ليس بيديه، فالظروف أقوى من العاطفة، فهو يتمنى صيام رمضان مع أهله والجلوس معهم على مائدةٍ واحدةٍ، ولكن ما باليد حيلة، ولكنه يشعر بلمه العائلة على المائدة فمعظم بلدياته يفطرون معه، كما أن عدم دفع فلوس أهم شيء وهو ما يريده مني أهلي. الحكومة لم تُقدِّم لهم إلا الفتات من جانبها ترى الدكتورة حنان سالم- أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس- أن ظاهرة أطفال الشوارع بشكلٍ عامٍ من أخطر الظواهر وتعد قنابل موقوتة إن لم يُحسن التعامل معها، فالحكومة رفعت شعار ليس في الإمكان أبدع مما كان، وتطالب أهل الخير بأن يقيموا مثل هذه الموائد في غير رمضان تزكيةً للمال.. وحول دور وزارة التضامن الاجتماعي أكدت أن الوزارة ستقول إنني قمتُ بإنشاء جمعياتٍ مع العلم أن أكبر جمعية منها تحوي أكثر من 300 طفل.. فأين الباقون والذين وصل عددهم في محافظة القاهرة فقط إلى 3 ملايين طفل؟!وتشدد على أن يكون للمسئولين دورٌ في عمليةِ التكافل الاجتماعي وأن يكون للرأسمالية الوطنية دور في احتواء هؤلاء الأطفال، كما طالبت بتحسين دخل أُسر هؤلاء الأطفال، مؤكدةً أن ذلك هو لُبُّ المشكلةِ التي دائمًا ما تتجاهلها حكوماتنا الرشيدة حتى يحموا أطفالهم من المصير المجهول في الشارع الذي سيكون مرجعيتهم فيما بعد يحدد سلوكياتهم ويُؤثِّر في تكوين شخصياتهم.

حرب الياميش الرمضانية تدهس الفقراء

بدأت حرب الياميش الرمضانية مبكراً هذا العام فرغم أن الحالة الاقتصادية لمعظم المصريين ليست على ما يرام، إلا أنه لا يمكن حلول شهر رمضان دون أن تشهد مصر نشاطا تجاريا ملموسا يزداد فيه رواج سلع كانت تتوارى بعد انقضاء الشهر الفضيليتربع سوق الياميش على عرش الفائز الأكبر في سباق رمضان التجاري فقد بلغت فاتورة استيراد الياميش هذا الموسم زهاء الـ 80 مليون دولار.وكما هو الحال في كل عام اعتاد المصريون على تسمية أنواع البلح بمسميات خاصة بهم، فبينما تم وضع نانسي عجرم وليلى علوي على شكائر البلح العام الماضي، ألقت الأزمة الاقتصادية التي تمر بها مصر والارتفاع الملحوظ في الأسعار بظلالها على إقبال المصريين على شراء “ياميش رمضان” هذا العام، فمنهم من أكد عزوفه عن شرائه، غير أن معظمهم أكد نيته شراء كميات محدودة من بين الأصناف المطروحة بالسوق، معتبرين أن هذه عادة لا يمكن تغييرها في شهر الصوم وقال جمال محمود، موظف بمصلحة الضرائب: “تعودنا أن نشتري الياميش كل عام في شهر رمضان، ولكن هذا العام سوف أقتصر على شراء كمية محدودة من الأصناف الشعبية كالبلح وقمر الدين والزبيب وجوز الهند وأضاف: “لا أستطيع هذا العام في ظل ارتفاع الأسعار أن أشتري نفس الكمية التي كنت أشتريها في الأعوام الماضية، فبدلاً من شراء 4 كجم من كل صنف سوف أكتفي بشراء 2 كجم من عدد محدود من الأصناف التي أحتاج إليها “وأضاف جمال أن “شراء الياميش أصبح عادة من عادات رمضان، فالعادة تحكمت فينا وأصبحنا لا نستطيع قضاء رمضان بدونها”.ورغم الارتفاع الملحوظ في أسعار الياميش عن الأعوام الماضية فإن إبراهيم عبد الفتاح -موظف كبير بإحدى الشركات السينمائية- قال: “إنني مضطر لأن أشتري نفس أنواع الياميش وبنفس الكمية التي كنت أشتريها في العام الماضي، فهذا موسم وهذه عادات لا يمكن الاستغناء عنها”.وقالت ميرفت كمال، ربة منزل: “سوف أشتري حتى وإن كان أغلى من ذلك، فكيف يمكن قضاء رمضان بدون ياميش؟ كل عام أشتري 5 أصناف من ياميش رمضان، وهذا العام أيضا سوف أشتري نفس الكمية ونفس الأنواع. هذه احتفالية برمضان ونحن نحاول أن نحيا هذا الشهر بشكل مختلف”.من ناحية أخرى أعرب البعض عن رفضهم لشراء ياميش رمضان في ظل ارتفاع أسعاره ومحدودية الدخل. وقال محمد سعيد، موظف: “لا أستطيع أن أشتري ياميش رمضان لأن الأسعار مرتفعة جدا عن العام الماضي، والمرتبات كما هي لا يوجد بها أي زيادة”.وأضاف سعيد: “إذا فكرت في الشراء فسوف أشتري البلح وقمر الدين، وسوف أقضي بهما أيام رمضان الأولى. وسوف أقضي رمضان من غير ياميش. ماذا أفعل؟ هل أقوم باقتراض مال من أجل ياميش رمضان ” بعدد من أسواق الياميش والمراكز التجارية في العاصمة المصرية، لوحظ أن هناك تضاربا بين أقوال التجار حول الارتفاع في أسعار الياميش، فمنهم من قال إنها ارتفعت عن العام الماضي بحوالي 20%، وهناك من رأى أنها ارتفعت بنسبة 30%، بينما أشار آخرون إلى أنها ارتفعت بنسبة 40%.وأشار التجار إلى أن هذه الزيادة مرتبطة أيضا بكل صنف على حدة والشكل النهائي الذي يباع عليه، فهناك أنواع من المكسرات مثل “عين الجمل والفستق والجوز واللوز والبندق” تباع مقشرة، بينما توجد من الأصناف ذاتها بضاعة غير مقشرة. وفي الحسين -أحد أحياء مدينة القاهرة- قال محمد أمين، تاجر ياميش: “زادت المكسرات هذا العام زيادة كبيرة وصلت إلى الضعف، فالمكسرات لها زبونها الخاص، فلا يشتريها إلا الأغنياء أو صانعو الحلويات”.وأضاف أمين: “لم أشتر إلا كميات قليلة هذا العام مقارنة برمضان الماضي نتيجة لغلائها الشديد بسبب ارتفاع سعر الدولار، فهي تتراوح بين 48 و60 جنيها مصريا للكيلو الواحد” (ما يعادل 6.5 إلى 8 دولارات بسعر السوق الحرة). وأشار أمين إلى أن هذه الزيادة طالت أيضا البلح وقمر الدين وجوز الهند وهي الأصناف الشعبية التي تحظى بإقبال المشترين، ولكن بنسب ضئيلة بواقع جنيه أو جنيهين للكيلو الواحد في كل نوع، موضحا أن هذا الارتفاع لم يؤثر كثيرا على القيمة الشرائية لها. وفي استطلاع لرأي عدد من التجار والعاملين في المراكز التجارية بالقاهرة ربات البيوت أكدن أن الشراء من سوق القبة أفضل بكثير من محلات السوبر ماركت نظراً لتراجع الأسعار. التجار قالوا ” إن جميع منتجات الألبان تباع بأسعار العام الماضي ولا زيادة في الأسعار. أضافوا: أن الإقبال كبير مع اقتراب العام الدراسي ومعظم المستهلكين يفضلون شراء البضاعة بكميات كبيرة خوفاً من ارتفاع أسعارها. أضافوا: أن الإقبال كبير مع بداية العام الدراسي ومعظم المستهلكين يفضلون شراء البضاعة بكميات كبيرة خوفاً من ارتفاع أسعارها. تقول ناهد علي ربة منزل: إنها تفضل الشراء من سوق القبة لانخفاض أسعار منتجات الألبان بالسوق. قالت: وضعت ميزانية خاصة لشراء بعض أصناف الجبن الأبيض والرومي بكميات تكفي أول أسبوع من العام الدراسي. قالت: أسعار السوبر ماركت مرتفعة جداً ولا تعرف السبب في أن محلات السوبر ماركت ترفع الأسعار علي الزبائن رغم انخفاضها في سوق القبة ويقول جمال فهمي موظف: إنه يجد مشكلة الآن خاصة إن دخول المدارس جاء مع اقتراب شهر رمضان والمصاريف زادت علي كاهل الأسرة أضاف: اشتريت من القبة 2 كيلو جبن أبيض وحلاوة طحينية لعمل ساندويتشات لأولادي والميزانية لا تتعدي 30 جنيهاً فقط تكفي الأولاد لمدة شهر كاملا لأسعار ثابتة يؤكد مزيد محمد مزيد تاجر من سوق القبة: أن أسعار منتجات الألبان ثابتة منذ العام الماضي رغم ارتفاع تكلفة الإنتاج.

أضاف تغلبنا علي هذه المشكلة بتخفيض هامش الربح إلي 5% فقط حتى لا نخسر زبائن السوق مشيراً بأن معظم الزبائن خفضوا الكميات التي كانوا يحصلون عليها في الماضي إلي النصف بسبب غلاء المعيشة قال: يباع الجبن الثلاجة بدون ملح بسعة 6 و7 جنيهات والثلاجة المزبدة بسعر 11 جنيهاً والبراميلي 50.13 جنيه والاسطمبولي بسعر 12 جنيهاًكما يباع الجبن الرومي الطازج بسعر 18 جنيها والدايرة ب 20 جنيها مقابل 22 و24 جنيها للجبن القديم. يضيف صلاح عاشور تاجر بالقبة: أن المخللات هي فارس المبيعات في شهر رمضان. أضاف: يباع الطرشي البلدي بسعر يبدأ من 125 قرشاً إلي 150 قرشاً ويباع الزيتون بسعر 4 جنيهات إلي 8 جنيهات لكيلو الأصناف الممتازة قال: هناك أصناف أخري من السلع الغذائية تجد إقبالا من المستهلكين وتباع شيكارة الأرز زنة 5 كيلو بسعر 50.11 جنيه وتباع عبوة السكر زنة 10 كيلو بسعر 50.28 جنيه. أما بالنسبة للمربات يباع البرطمان زنة 450 جراماً بسعر 375 قرشاً وهي أقل سعراً من محلات السوبر ماركت. حول مدى إقبال الناس على شراء ياميش رمضان هذا العام، قال محمد حسن، بائع بأحد المراكز التجارية الكبيرة بحي الدقي في القاهرة: “ليس هناك إقبال مثل كل عام، إلا على الأصناف الشعبية أو الرخيصة مثل البلح وقمر الدين”.وأضاف حسن: “حتى من يشتري فإنه لا يشتري إلا ربع الكمية مقارنة بالعام الماضي، فالأسعار زادت بنسبة كبيرة، وصلت إلى 40%”.من جانبه قال محمد عبد الجواد، صاحب أحد المحلات التجارية بحي السيدة زينب بالقاهرة: “لا أتوقع إقبالا على شراء الياميش مثل الأعوام الماضية، بسبب الأزمة الاقتصادية التي نعيشها، وبدء العام الدراسي وأيضا دخول فصل الشتاء وما يتطلبه من مستلزمات”.وقال مدير أحد فروع “محلات مترو”: “هناك ارتفاع في الأسعار يصل إلى 30% عن العام الماضي بسبب ارتفاع سعر الدولار، خاصة أن معظم أصناف الياميش يتم استيرادها من الخارج”. حمل هذا العام بفضل الأحداث التي مر بها الشرق الأوسط أسماء جديدة للبلح أشهرها اسم “نصر الله” نظراً لشعبية حسن نصر الله زعيم المقاومة اللبنانية‏, ‏ وكذا مزارع شبعا اللبنانية التي يباع الكيلو منها بـ ‏15‏ جنيها أو ما يزيد وشهدت أسواق التجزئة ارتفاعاً كبيراً في أسعار الياميش ووصل سعر الزبيب الإيراني إلي 16 جنيهاً للكيلو بارتفاع بمثل نسبة 40%، عن العام الماضي و 26جنيهاً لكيلو التين التركي بارتفاع 6جنيهات عن العام الماضي! وقفزت أسعار لفة قمر الدين إلي 8 جنيهات بارتفاع 100% عن العام الماضي والبلح الفاخر 20 جنيهاً للكيلو وعين الجمل 52 جنيهاً والبندق 35 جنيهاً للكيلو حيث يتعمد التجار استغلال هذا الشهر الفضيل في تحقيق أرباحا قياسية ويتكرر السيناريو ذاته في كل موسم رمضاني فخلال الأيام التي تسبق بداية شهر رمضان تعج الساحة الاقتصادية وصفحات الجرائد بالحديث عن ارتفاع فواتير الاستيراد للسلع الاستفزازية كالياميش والفوانيس الصيني حيث قدر بعض الخبراء تكلفة استيراد فوانيس رمضان سنويا إلى 11.5 مليون جنيه مصري، ولا تنطوي مسألة استيراد الفوانيس الصيني على تكلفة الفاتورة الباهظة بكل المقاييس، بل لأنها قد تؤدي إلى اندثار صناعة مصرية قائمة منذ العهد الفاطمي هذا إن لم تكن قد اندثرت بالفعل بسبب تفوق الصيني عن نظيره المصري بفضل التكنولوجيا وفرق الأسعار. وتشهد الأسواق المصرية حاليا إقبالا من الأطفال والكبار على شراء فانوس رمضان التي يمكن أن تصل في كثير من الأحيان إلى مائتي جنيه أو للفانوس الكبير و2 جنيهاً للصغير ولعل هذا ما جعل البعض يغير تجارته في هذا الموسم خصيصا لتحقيق مزيد من الأرباح. وفي غضون حمى شراء مستلزمات رمضان لا يتهاون نواب مجلس الشعب في تقديم طلبات الإحاطة التي تلوم على ما يطلق عليه السفه الاستيرادي. وتحظى اللحوم والطيور بأنواعها المختلفة بدعاية من نوع خاص في هذا الشهر الذي تباع فيه كميات مضاعفة من البروتينات بأنواعها المختلفة. وقفزت أسعار الدواجن البيضاء المذبوحة إلي 10جنيهات للكيلو والبلدي إلي 12 جنيهاً لضعف المعروض منها كما شهدت الأسواق إقبالا كبيراً من المواطنين علي اللحوم المجمدة لارتفاع أسعار الأسماك واختفاء المعروض من الدواجن المذبوحة.ووصل سعر البيضة الواحدة إلي 75قرشاً!. وارتفعت أسعار الأرانب إلي 18جنيهاً للكيلو كما شهدت الأسواق إقبالا كبيراً من المواطنين علي اللحوم المجمدة لارتفاع أسعار الأسماك واختفاء المعروض من الدواجن المذبوحة كما شهدت الأسواق ارتفاعاً كبيراً في أسعار الخضراوات والفاكهة مع قرب شهر رمضان تجارة أخرى تظهر في رمضان هي تجارة الكنافة والقطائف فلا تكاد تجد حي أو شارع سواء راقي أو شعبي يخلو من فرن الكنافة البلدي الذي يحتفظ بمكانته عام بعد عام أمام الكنافة المصنوعة آليا، كما ينشط سوق الألعاب النارية كالبمب والصواريخ الذي ينتشر في رمضان والعيد رغم حظره ويبدو الحديث عن رغيف العيش ذا معني بعض الشيء خلال شهر رمضان حيث كانت هذه المسألة الشغل الشاغل لكل وزير تموين حتى بعد إلغاء وزارة التموين نفسها انتقل الرغيف إلى يد وزير التضامن الاجتماعي الذي احتار هو الآخر بين اعتبارات الحكومة ومتطلبات المواطنين ورغبات أصحاب المخابز والتجار الأمر الذي يجعل الحديث عن الانفتاح الاقتصادي والحكومة الإلكترونية أمر ليس له معنى وكما هو الحال كل عام تظهر النفوس الضعيفة لبعض التجار فيتسابق بعضهم في استيراد المستلزمات الرمضانية المنتهية الصلاحية كاللحوم أو الياميش أوضح تقرير الهيئة العامة للرقابة علي الصادرات والواردات أن أفرع الهيئة قامت بفحص‏14‏ ألفا و‏173‏ رسالة من الواردات الغذائية بكمية بلغت‏7‏ ملايين و‏221‏ ألفا و‏735‏ طنا خلال‏7‏ شهور الأولي من العام الحالي بلغ عدد الرسائل المرفوضة خلال الفترة ذاتها من العام الحالي نحو‏170‏ رسالة بكمية قدرها‏3‏ آلاف و‏59.4‏ طن وذلك مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي حيث بلغ عدد الرسائل المرفوضة نحو‏247‏ رسالة بكمية بلغت‏397.8‏ طن‏.‏ صرح بذلك محمد البنا رئيس الهيئة العامة للرقابة علي الصادرات والواردات وأضاف‏:‏ مع استعدادات الأسواق لاستقبال شهر رمضان قامت الهيئة بفحص كميات من واردات الياميش تقدر بـ‏9621‏ طن خلال الـ‏7‏ شهور الأولى من العام الحالي مقارنة بـ‏12466‏ خلال الفترة ذاتها من العام الماضي

الفقراء ليس لهم مكان في شهر رمضان

وسط تزاحم الأحداث وهرولة الأيام إذا بشهر رمضان على الأبواب، لتجد الأسر نفسها أمام مأزق شديد؛ إذ غالبًا ما تعجز ميزانية الأسرة في رمضان عن الوفاء بمتطلبات أفرادها نظرًا لكثرةِ النفقات خلال الشهر الكريم، فبعض الأسر يكون كل همها شراء اللحوم والمكسرات والفواكه المجففة، وكميات مضاعفة من السكر والسمن والدقيق لحلوى رمضان اليومية، بالإضافةِ إلى مبلغٍ إضافي لولائم رمضان، وآخر لملابس العيد ونزهاته إلى غيره من همومِ ميزانية شهر رمضان أرقام العام الماضي تقول: إنَّ المصريين أكلوا في الأسبوع الأول من رمضان الماضي 2.7 مليار رغيف و10 آلاف طن فول و40 مليون دجاجة! بجانب الازدياد الملحوظ في معدلاتِ الاستهلاك التي ارتفعت 200% للمسلى والزبادي و50% للحوم والسكر. كما أثبتت دراسة للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عام 2007م أنَّ المصريين ينفقون أكثر بمعدل 1.5% خلال الشهر الفضيل على المواد الغذائية، وترصد الدراسة عددًا من الموادِ الغذائية التي يزيد استخدامها، في مقدمتها: السكر، واللحوم البيضاء، والأرز، و”المكرونة”، يليها الزيوت ثم الخضراوات والفواكه، فضلاً عن الدقيقِ الذي يتسابق الجميع على شرائه لخبز كعك العيد. وتقول سامية بكري ربة منزل وأم لـ8 أبناء: إنَّ مصاريف رمضان تُثقل كاهل الأسرة بالكثيرِ من الأعباءِ المادية، فارتفاع الأسعار يُمثِّل بالنسبةِ لها تحديًا كبيرًا عليها أن تُواجهه، فالأسعار ارتفعت بأكثرِ من الثلثِ في وقتٍ قليل جدًّا، وهو ما ضاعف من ميزانيةِ الأسرة خاصةً وأن دخلنا لم يزدْ بنفسِ درجةِ الأسعار، ومن المعروف أن نفقات الأسر تزيد في رمضان؛ لأن الصائمَ يحتاج إلى تغذيةٍ جيدةٍ بعد الجوعِ طوال اليوم؛ ولذلك فنحن نكاد نستغنى تقريبًا عن الوجباتِ الشعبية ذات السعر المتوسط في إفطارِ رمضان، وهو ما يزيد من الأعباءِ المادية. وتضيف قائلةً: إن شهرَ رمضان الكريم يتزامن قدومه هذا العام مع فترةِ دخول المدارس والتي تحتاج إلى المزيدِ من الأموال لشراءِ ملابس الأبناء، بالإضافةِ إلى مصروفاتِ الدراسة، وهذا أيضًا عبء جديد على ميزانية أسرتنا في رمضان. وتقول عزه مختار- ربة منزل وأم لـ3 أبناء-: إنَّ نفقات أسرتنا في رمضان لا تقتصر على اللحومِ والخضراواتِ فقط, وهو ما يزيد من الضغوط والأعباء على الأسرة في هذا الشهر الكريم، بالإضافةِ إلى نفقاتِ البسكويتِ وكعك العيد، ونظرًا لارتفاعِ سعر الدقيق والزيت والسكر والسمن فإن هذا يُمثِّل مأزقًا جديدًا يواجه ميزانية الأسرة في رمضان، هذا بالإضافةِ إلى ملابس العيد التي تحتاج إلى الكثير من الأموال، والأبناء لا يعرفون كلمة “معلهش وهو ما يُسبب لنا ضغطًا نفسيًّا نحسب له حسابه منذ بدايةِ شهر رمضان المبارك. وتؤكد مها صابر ربة منزل وأم لـ4 أبناء: إنَّ ميزانيةَ الأسرة سواء في رمضان أو غير رمضان تُعاني، فالأسعار في تزايدٍ مستمرٍ، ونحن لا نُلاحظ أي دورٍ من جانبِ الحكومة لتحجيم هذا التزايد المطرد، وكان على الحكومةِ أن تتدخل لإعادة الأمور إلى نصابها وإحداث هدوءٍ ولو بشكلٍ نسبي، بدلاً من تركِ الناس فريسةً سهلةً للسوقِ السوداء. أما آمنة محمد عبد الحميد- ربة منزل وأم لـ4 أبناء- فتقول: إنَّ الأسرَ في رمضان تتعامل بالمثلِ الذي يقول “أيام رمضان: عشرة مرق، وعشرة حلق، وعشرة خلق”؛ أي أن ميزانيةَ الأسرة في رمضان مقسمة كالتالي- الأشياء الأكثر استهلاكًا- العشرة أيام الأولى من الشهر الكريم يستهلكون في الولائم واللحوم، والعشرة أيام الثانية تستهلك الميزانية في البسكويت وكعك العيد، أما العشرة الأخيرة فإنها من نصيبِ شراء الملابس. وتضيف أن هذا المثل يتبعه الكثير من الأسر المصرية، وهو ما يحول الشهر الكريم عند هذه الأسر إلى مجرد متجرٍ يتسوقون فيه ويحققون فيه رغباتهم المادية، وهذه الأسر يفوتها من الخيرِ الكثير؛ لأن الرسول- صلى الله عليه وسلم- مَن صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدَّم من ذنبه. وعن كيفية تدبير الاحتياجاتِ الإضافية تقول أمينة محمد- ربة بيت وأم لثلاثة أولاد-: إنها غالبًا ما تلجأ لعمل جمعيةٍ لشراءِ احتياجاتِ رمضان والعيد، خاصةً أنَّ المصروفاتِ في هذا الأيام لا تتوقف عند حدٍّ، ولكن هناك أيضًا ملابس العيد ولوازم الكعك من الدقيق والسمن؛ وهو ما يعني احتياجها لميزانيةٍ ضخمةٍ تفوق ميزانية الشهر العادي. لا تسرفوا وعن الطريقةِ الصحيحةِ لتناول الطعام توضح سلمي عبد الحميد خبيرة التغذية بوزارة الصحة لا يوجد أفضل من المنهج القرآني، فالله عز وجل يأمرنا بألا نسرف في تناول الطعام: ﴿يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (31)﴾ (الأعراف)، ويقول الله تبارك وتعالى: ﴿وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا (26) إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا (27)﴾ (الإسراء). وتضيف: إنَّ الآيتين الكريمتَين مدلولهما أن الإسراف لا يُحبه الله، ورمضان ليس شهر أكل وشرب ولكنه شهر عبادة وإنابة، كما يقول الرسول عليه الصلاة والسلام: “بحسب ابن آدم لقيمات يُقمن صلبه فإن كان لا محالةَ فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه”، وينصح المتخصصون بإتباع المنهج النبوي في طريقة تناول وهو ما يتبعه علماء التغذية في الغرب الآن؛ فقد ثبت أن كثرةَ الأكل وملء المعدة بالطعام يجعلها تتمدد فتضغط على الحجابِ الحاجز الفاصل بين الجهازين الهضمي والتنفسي فيقل الفراغ المتاح للرئتين فلا تستطيعان التمدد للتنفس كما ينبغي، فيسبب ذلك ضيق النفس. حسب الاحتياج ونحن على أبواب رمضان أنه من المحتمل أن ترتفع أسعار السلع والخدمات بشكلٍ ملحوظ، وهو ما سيكلف ميزانية الأسرة في رمضان الكثير من المتاعب وستواجه الأسر المزيد من الضغوط. ونحمل الحكومةَ المسئوليةَ عن أي زيادةٍ في الأسعار وما قد تواجهه الأسر من متاعب خاصةً في شهر رمضان، الذي يزيد فيه الإنفاق عن أي شهرٍ آخر، وهذه ستكون مسئولية ملقاة على عاتق الحكومة الذي من المفترض أنها تسعى إلى أن لا توجَّه لها انتقادات من أحد، خاصةً وأنَّ شهر رمضان لا يتحمل أي أزماتٍ، ومن المتوقَّع أن ترتفع الأسعار ولكن هناك مساحاتٌ قد تحتمل الارتفاع خاصةً مساحة السلع الاستثنائية مثل المكسرات وياميش رمضان، ولكن ما ليس مسموحًا به هو منطقة السلع الأساسية وهي ما نعتبرها منطقةً محرمةً، إذ الزيادة فيها ستكلف ميزانية الأسرة في رمضان الكثير من الأموال. ليس من المقبول أن تسمح الدولة بارتفاع الأسعار، وهي التي تستطيع أن تسيطر عليها خلال الانتخابات، ونأمل أن تحافظ الحكومة على مستوى أسعار السلع الأساسية لأن أهميتها كبيرة مقارنةً بالسلع الاستثنائية خاصةً وأنَّ الضغطَ على هذه السلع يزداد في شهر رمضان الكريم. وعن كيفية تغلب الأسر على الأزماتِ التي تواجه ميزانيتها في رمضان قال: على الأسر أن تشتري احتياجاتها أولاً بأول؛ لأنَّ الإقبالَ على شراءِ السلع دفعةً واحدةً يساعد على ارتفاعِ أسعار هذه السلع؛ لأن السوقَ لا يخضع إلا للعرضِ والطلب، ومن ثَمَّ يجب عدم الاندفاعِ في شراءِ السلع مرةً واحدةً. وأضاف أنه على جمعياتِ المجتمع المدني الخاصة بحمايةِ المستهلك أن تنشط حتى يتم توعية المواطنين بما لهم وما عليهم أن يفعلونه إذا ما لاحظوا زيادةً في أسعار السلع والخدمات، هذا إلى جانبِ دور منظمات حقوق الإنسانِ في المطالبة بحقوقِ المواطنين، فتوعية المستهلك والدفاع عن حقوقه أشياء أساسية في المجتمعات التي يتم تحديد الأسعار فيها طبقًا للعرض والطلب.

الكاتب :

الدكتور عادل عامر
دكتوراه في القانون وخبير في القانون العام
ورئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية والاجتماعية وعضو بالمعهد العربي الاوربي للدراسات السياسية والاستراتيجية بجامعة الدول العربية

شاهد أيضاً

وَاللَّهِ إِنَّكَ لَتَعْلَمُ أَنّنا نعْلَمُ أَنَّكَ تَكْذِبُ

عند السماع لتصريح وزير خارجية امريكا الذي قال بكل فضاضة ان الخارجية الأمريكية لم نر …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

كويت نيوز

مجانى
عرض