بقلم : علي باجي العنزي : كسر احتكار المؤسسات… اشكروا أنس ولاتستجوبوه

في خطوة مفاجئة وغير متوقعة قدم النائبان محمد هايف ومحمد المطير استجواباً إلى نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء أنس الصالح، يتضمن ثلاثة محاور مبهمة غير واضحة، وعلى غير العادة، لوحظ أن الاستجواب لم يلق الحماسة والتفاعل النيابي أو الشعبي المتوقع والمأمول، وهو ما قد يُفسر بأنه وجهه للشخص الخطأ بالوقيت غير المناسب.
لا جدال في حق النواب حول تقديم الاستجواب لتقصي حقائق ووقائق معينة، وهو حق أصيل للنائب ومكفول دستورياً وفقاً للمادة 100 من الدستور، وهو إحدى أدوات الرقابة الوجيهة لأداء الوزراء، لكن من المؤسف أن هذه الأداة الرقابية الفاعلة والراقية لم توظف بالشكل الصحيح، وأخذت تفقد تأثيرها بسبب الاستسهال والافراط في استخدامها اخيراً، وبعض حالات اللجوء اليها كانت ردود فعل وحالات غضب موقتة.
وفي واقعة استجواب الوزير أنس الصالح عبر المراقبين، وبعض المصادر النيابية من هذا الاستجواب كون انس الصالح من الوزراء الذين يعملون بصمت، ويسعون الى مد يد التعاون مع النواب أملاً في مزيد من الانسجام بين المؤسستين، التنفيذية والتشريعية، وهو من العناصر الحكومية التي تطبق الانظمة واللوائح في الجهات التابعة له تجنباً للتصادم مع النواب وغيرهم، وقد استغربت المصادر ذاتها من توجيه الاستجواب له رغم الدور الايجابي الذي يحاول ممارسته، وتوقعت المصادر أن حمى الاستجوابات ارتفعت وزادت وتيرتها بعد تردد انباء، في الفترة الماضية، عن احتمال حل مجلس الأمة، وقيام الحكومة برفع كتاب عدم تعاون، وعللت المصادر النيابية ذلك بضبابية الاستجواب، وعدم إشارته إلى وقائع محددة، كما أكد عليه حكم المحكمة الدستورية في تفسيرها للمادتين 100 و101، ومن يقرأ صحيفة الاستجواب سيدرك تماماً أنه غير مقنع، ولن يكتب له النجاح فهو بلا ملامح وغير دقيق، ويتحدث عن عناوين عريضة وكأنها مانشيتات صحف ورقية.
والحق أن المحور الأول غريب قليلاً، فهو يحمل الوزير أثام واقع الفساد المتفشي في مؤسسات الدولة، وكأن الوزير هو من ابتدعه، ومن الملاحظ أن معظم العبارات التي وردت في صحيفة الاستجواب، وتحدثت عن الفساد كانت انشائية وعاطفية.
أما المحور الثاني الذي يتحدث عن القبول في الفتوى والتشريع، فالكويت كلها يجب أن ترفع القبعة للوزير انس الصالح لأن معظم المقبولين، كما لوحظ في وسائل التواصل الاجتماعي، من كل الفئات الاجتماعية تقريباً، ففي السابق كان القبول في بعض المؤسسات يكاد ينحصر في فئة اجتماعية معينة، ونتائج القبول فيها عدالة اجتماعية الى حد كبير، وقد يكون هناك
بعض الاخفاقات في آلية القبول، لكنها بلا شك أفضل مليون مرة من الآليات السابقة.
ولاداعي للتباكي والنواح من قبل البعض، وادعاء المظلومية، وأن الدولة تستهدف أناسا بعينهم، فلو نبشنا الذاكرة قليلاً لاتضح بالفعل أن أنس الصالح حاول تطبيق مبدأ العدالة على مكونات الطيف المجتمعي، والمحور الثالث لم يأت بجديد فهذا نمط وألية المناقصات، ولم يطرأ أي تغيير عليها!
في كواليس النواب تكاد الصورة ترتسم، فبعضهم بدأت عنده حسابات الربح والخسارة الانتخابية تحدد مواقفه من الاستجوابات بعامة، والبعض منهم يكسرها حسابات شخصية، والبعض الأخر يضع في اعتباره المصلحة العامة ويدور في فلكها.
اما الجمهور المتابع معظمه يعتقد أن لا داعي للاهتمام بهذا الاستجواب، والاستجوابات بعامة، فهي برأيهم مضيعة للوقت، مستنفذة للجهد، لا طائل منها، وهي باعتقادهم ملهاة للرأي العام، والأخرون من الجمهور، لاسيما من النمط المؤامراتي، يرون الاستجواب صنيعة حكومية نيابية، ومهرجان تتعالى فيه الأصوات، وهو فرصة لذر الرماد في العيون، وانها ازمة مفتعلة لتحويل انظار واهتمامات الرأي العام عن قضايا أخرى.
وبين هذا الرأي وذاك أحداث وأزمات بالجملة باتت تلوح في الأفق، قد تسفر عن مالا تحمد عقباه!
كاتب كويتي

شاهد أيضاً

وَاللَّهِ إِنَّكَ لَتَعْلَمُ أَنّنا نعْلَمُ أَنَّكَ تَكْذِبُ

عند السماع لتصريح وزير خارجية امريكا الذي قال بكل فضاضة ان الخارجية الأمريكية لم نر …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

كويت نيوز

مجانى
عرض