أضلاع الحرب القادمة

20130507-211944.jpg

كويت نيوز :

أضلاع الحرب القادمة

القضاء على سوريا ، تعهد الإخوان بالحفاظ على كامب ديفيد وحرب المياه ضد مصر

الدكتور عادل عامر

تطورت الأزمة السورية من أزمة حكم داخلي إلى حرب داخلية عنيفة ذات أبعاد عديدة. ومما لا جدال فيه بأن لكل حرب أسباباً سياسية وتاريخية واقتصادية وفي بعض الأحيان طائفية، فما هي حقيقة الطائفية في سورية من وجهة نظر تاريخية بحتة؟ فالحزب الحاكم هو حزب البعث العربي الإشتراكي وهو حزب علماني قومي اشتراكي، والعائلة الحاكمة “نصيرية” المذهب خارجة بالكامل عن المذهب الشيعي الأثني عشري السائد في إيران وجنوب العراق، ومع ذلك فالسيد خامنئي وهو نائب الإمام المعصوم في جمهورية ولاية الفقيه يصرح بأن كل ثورات الربيع العربي كانت إسلامية عدا ثورة سورية التي تحولت إلى حرب طاحنة!. ولكي لا نذهب بعيداً في متاهات لا نهاية لها، فسنقف على إسلامية الطبقة الحاكمة السورية التي تلاقي كل الدعم من الجمهورية الإسلامية الإيرانية، المدافع الأول عن الإسلام الحقيقي الذي يتخيلونه. فمسألة الحزب محسومة في فكر القارئ والذي لا يوجد ما يشير إلى إسلاميته المزعومة وهو شقيق الجناح الذي سقط في العراق وحاربته الجمهورية الإسلامية وحلفاؤها بضراوة لأنه غير إسلامي؛ ناهيك عن وقوفه حجرة عثرة أمام الجحافل المعدة لتحرير القدس ونشر الإسلام الصحيح!!، وكانوا لا يترددون بوصفه بحزب البعث الكافر والى حد الآن!، أما عقيدة العائلة الحاكمة والتابعة لأقلية ضئيلة من الشعب السوري، وهي الطائفة النصيرية والتي أطلق عليها الفرنسيون لقب الطائفة العلوية عام 1920م تمويهاً وتضليلاً، ثم أسسوا دولة صغيرة لهم على طول الساحل السوري قبل الاستقلال، فلنا وقفة قصيرة على مدى انتمائها للتشيع.لعبت روسيا والصين في هذه النازلة ، كما يقول بعض المحللين ، ولا تزال على وتر نظام راديكالي ينتمي إلى الحقبة الستينية الشيوعية البائدة فلما تزل العلائق والمصالح الإستراتيجية والعسكرية تجمع بينهم ، فميناء طرطوس آخر منافذ روسيا على المتوسط ، والصين ، ولعبت تركيا على وتر علائقها الاقتصادية والسياحية مع إيران وروسيا فتخشى انقطاعها ، ولعبت الدول العربية على وتر مصالحها الجيوسياسية فهي تروم كسر الهلال الرافضي الممتد من إيران إلى جنوب لبنان ، فلكلٍ مرامه ، أن الضحايا في بلاد الشام أكثر بكثير تقبل الله جل وعلا الموحدين منهم في عداد الشهداء ، فمعظم قتلى ليبيا قد قضى في عراك متكافئ ، وأما أهلنا في بلاد الشام فقد قضى جلهم قنصا وقصفا وأخيرا ذبحا ! ، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون . وسوف تجد هنا أيضا بمقتضى السنن الرباني في طبائع النفوس ، سوف تجد من يقفز ليقطف الثمرة فينشق في آخر لحظة إسرائيل وأمريكا في عجلة من أمرهما، ومعهما كل الدول العربية الداعمة لهما، فحال الجمود على الجبهة السورية الذي دخل عامه الثالث، وصمود النظام طوال هذه الفترة، بل ووصول تقارير عن تحقيقه بعض التقدم في جبهات القتال، هذا الجمود تريان انه لا يجب ان يستمر، ولا بدّ من الحسم. الخوف من سقوط الصواريخ والأسلحة الكيماوية السورية في أيدي جماعات سنية (الجماعات الجهادية) او شيعية (حزب الله) تستخدم ضد إسرائيل لاحقا، أو من قبل النظام حاليا، كآخر محاولة من اجل البقاء، هو الذي يقف خلف هذا العدوان الإسرائيلي. النظام السوري استطاع ان يمتص جمــيع الغارات الإسرائيلية السابقة، سواء تلك التي وقعت قبل اندلاع الانتفاضة الشعبية في صيغتها السلمية، أو بعدها، لأنه كان يفعل ذلك تحت مسمى الاستعداد وتعزيز القدرات الدفاعية، والحفاظ على سورية الوطن والشعب، ولكن الآن الصورة تغيرت بالكامل، وأسباب ضبط النفس تبخرت، فسورية مدمرة ممزقة، وأكثر من مئة إلف من خيرة أبنائها قتلوا، وجيشها أنهك، وأربعة ملايين من أهلها شُردوا في الداخل والخارج، فلماذا الخوف الآن؟ يجب إن تدرك الجماعات الجهادية الإسلامية إن إسرائيل تريد إسقاط النظام السوري ليس من اجل تسليم الحكم في سورية لها، وإنما لبدء معركة أخرى، تشارك فيها الولايات المتحدة ودول عربية وإقليمية أخرى للقضاء عليها، وتجربة صحوات العراق هي درس لا بدّ من الاستفادة منه. السلطة في سورية في حال سقوط النظام ستسلم الى جهة مستعدة لـ’تنظيف’ البلاد من الجماعات الجهادية، حسب توصيف المسئولين الغربيين، والعاهل الأردني تحدث عن ذلك صراحة عندما قال ان واشنطن تتوقع انتهاء هذه المهـــمة في غضون سنتين او ثلاث بعد إسقاط النظام. لا بدّ إن القيادة السورية تدرك جيدا، او هكذا نأمل، انه اذا كان نظامها سيسقط، فمن الأكرم له ان يسقط في حرب ضد المحتل الإسرائيلي، وبعد تكبيده خسائر كبرى، خاصة انه البادئ في العدوان، فالأشجار تموت واقفة. النظام السوري يجب ان يعلن وقفا شاملا للعمليات العسكرية ضد معارضيه، في إطار الدعوة لمصالحة وطنية من اجل التركيز على مواجهة العدوان الإسرائيلي، وكم سيكون موقف المعارضة بطوليا ومسئولا لو قابلت هذا الإعلان بما هو أفضل منه. ومنذ سقوط خلافة اسطنبول بسبب فسادها تحت ضربات الطامحين إلى الخلافة من الهاشميين وغيرهم من العرب، وهي الضربات التي لم تخدم غير المستعمر الفرنسي والبريطاني، لم تفعل الهزائم وصنوف العار غير التكاثر في طول العالم العربي وعرضه. سايكس ـ بيكو وتمزيق العالم العربي… قيام الدولة الصهيونية في فلسطين… هزائم العرب واتفاقيات السلام… الغزو الأميركي الذي صفق له وسانده الكثير من العرب… الحروب الأهلية التي تستعر في عدد من البلدان العربية وتهدد بقية هذه البلدان وخرائط الشرق الأوسط الكبير التي يتم رسمها في واشنطن وتل أبيب وأنقرة وبعض العواصم العربية. وإلى كل هذا يضاف البؤس الاجتماعي والاقتصادي والثقافي والأخلاقي الذي يدفع “مواطنين” عرباً ممن لا يجدون لقمة العيش إلى أن يحرقوا أنفسهم في الشوارع أو يبيعوا شرفهم بحفنة من الدولارات. كل هذه الأوضاع لا تلاحظها تلك الفئة من العرب الذين يريدون إعادة بناء الحاضر على صورة الماضي المجيد مروراً بالقضاء على إيران وسوريا وحزب الله. لكنهم لحسن الحظ يزعمون بأنهم لم ينسوا “إسرائيل”. فهم يريدون القضاء عليها بعد الفراغ من إيران وسوريا وحزب الله. وبعضهم يقول بأنهم سيواصلون الجهاد ضد الصليبيين الغربيين وامتداداتهم في المنطقة. ولكي يبرروا مشروعهم يستثمرون في الجهل بالتاريخ وبالدين ويلوكون الحكايات عن دور إيراني وشيعي مزعوم هو المسئول عن انحطاط الخلافات والسلطنات العربية ـ الإسلامية، ويتهمون إيران وسوريا وحزب الله بإقامة تفاهمات مع الولايات المتحدة و”إسرائيل”. وينسون أن إيران كانت أكبر قاعدة للتسنين حتى القرن السابع عشر الميلادي، وأن انتقالها إلى التشيع قد تم في وقت كان الإيرانيون يقومون فيه بانتفاضة، لمصلحة الإسلام، ضد العثمانيين، وذلك قبل قرنين من نجاح العرب في القضاء على الخلافة العثمانية، ولكن لمصلحة الغرب والصهاينة. وينسون أيضاً أن معظم العرب لم يكن لهم همّ، خلال الفترة الممتدة من 5 حزيران/يونيو 1967، غير تهيئة الأجواء لاتفاقيات السلام وإقامة التحالفات مع “إسرائيل” وحماتها الغربيين، في حين كانت المقاومة اللبنانية بقيادة حزب الله وبالدعم القوي من سوريا وإيران، تقوم بتهيئة الأجواء لسلسلة الهزائم الإسرائيلية التي توجتها حرب العام 2006، تلك الحرب التي بشرت بالنهاية الوشيكة لهذا الكيان الصهيوني الغاصب.

** أعلنت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية فيكتوريا نولاند أنّ جماعة الإخوان المسلمين في مصر قدّمت للولايات المتحدة ضمانات باحترام معاهدة السلام مع إسرائيل. وقالت:”إنّ الإخوان قطعوا تعهدات لواشنطن بهذا الشأن، والإدارة الأمريكية حصلت على ضمانات بالنسبة إلى هذا الموضوع من جانب مختلف قيادات الحزب التي تم التواصل معها والإدارة ستواصل السعي وراء الحصول على ضمانات أخرى في المستقبل”.هذا التفاوض كان ممنوعاً لدى جماعة الإخوان في تصريحاتهم وأشهرها النفي القاطع لاستمرار المعاهدات مع إسرائيل والذي أعلنتْه حركة الإخوان في سبتمبر 2011ولعل التعهد للأمريكيين بعدم إلغاء المعاهدات مع الإسرائيليين كان من بين الأجندة السرية التي عملتْ عليها الحركة بصمت، بدليل أن القيادي في جماعة “الإخوان المسلمين” في مصر إبراهيم منير نفى أن تكون الجماعة أعطت أي ضمانات لواشنطن بشأن احترام اتفاقية التسوية (كامب ديفيد) مع “الكيان الاسرائيلي”، قائلاً: “إن هذا الموضوع سيعرض على الشعب المصري في استفتاء ليقرر موقفه منه”. هذا هو التناقض الواضح بين العمل السري والعمل العلني، ولا ننسى المفاوضات التي أقامها الإخوان سراً مع نائب الرئيس المصري عمر سليمان قبل أيام من تنحّي مبارك والتي طُرح فيها إمكانية سحب الإخوان لكوادرهم من الميدان. لاشك أن الإخوان المسلمين الذين اكتسحوا الانتخابات بمختلف مراحلها خلال الانتخابات يريدون الاعتراف الدولي في ظلّ تراجع الموارد وانهيار الاقتصاد المصري، ويعلمون أنّ البوابة إلى العالم القريب والبعيد تمر من خلال الغرب لأنه هو الذي يهيمن اقتصادياً واستراتيجياً على المنطقة، لهذا فهم لا يمانعون في فتح حواراتٍ مطوّلة مع الولايات المتحدة وحتى مع إسرائيل، حتى إن مجلة “التايم” الأمريكية تطرقت إلى خلافٍ أمريكي – إسرائيلي حول طبيعة الحوار الذي يجب أن يقوم به الغرب مع الإخوان، ومما جاء في “التايم”:” الموقف من الحوار مع الإخوان المسلمين فى مصر، باعتبارهم الجماعة السياسية الأقوى فى البلاد، كما أكّدت الانتخابات البرلمانية، على وشك أن يثير خلافاً بين إدارة الرئيس الأمريكى بارك أوباما وأصدقائه فى إسرائيل، ففى الوقت الذى تقوم فيه الإدارة الأمريكية بمحاولات لفتح حوار مع الجماعة، وصف مجلس الأمن القومى فى إسرائيل أوباما بالسذاجة فيما يتعلق بتعامله مع الإخوان و”المخاطر” التى يمثلونها”.تتكشف أساليب حركة الإخوان لاستغفال المجتمع المصري من خلال ازدواجية العمل السياسي بين السري والعلني، مع أن حزبهم السياسي هو “الحرية والعدالة” بهذه المفردات الجميلة يمارسون استغفال الناس سياسياً، وإلا كان من الممكن بل والواجب أن تضع الحركة كل مستندات اللقاء مع الأمريكيين وكل تفاصيل اللقاء الذي أجري من خلال تفصيل موسع ينشرونه في موقعهم، أو في وسائل إعلامهم، أمّا أن تتعهد الحركة بالإبقاء على التعهدات مع إسرائيل سراً، ثم تنفي التعهد علناً فإن هذا يذكّرنا بالأساليب التي يتبعها النظام الإيراني في تحركه السياسي، لهذا ليس غريباً أن يكون “نفي التعهد” والذي أطلقه القيادي في حركة الإخوان إبراهيم منير قد جاء عبر “قناة العالم” الإيرانية!

** مصر اليوم مُهددة بتقليل حصتها من ماء النيل حيث لاأقول تمردت كما ورد في الإعلام خمسة دول أفريقية بل أقول تحدت مصر التي نالت مزاياها المائية بإتفاقيات عامي 1929 و1959 يعني بالعهدين الملكي والجمهوري ولكن دول {أثيوبيا-أوغندا-تنزانيا- كينيا- راوندا} وهي دول حوض النهر وقعت إتفاقا جديدا بينها يراه المصريين حكما بالإعدام عليهم لان مصر تحصل على قرابة 90% من احتياجاتها من المياه من النيل حصرا مع إنها تؤكد ان الحجم الحالي للواردات المائية الذي يكفله ماورد بالإتفاقيات أعلاه لن تلبي حاجة السكان الاستهلاكية المائية بحلول عام 2017 أي بعد 7 سنوات وهذا مأزق كبير بالنسبة للنمو السكاني المصري المتصاعد لذا لجأت مصر وبالتنسيق مع الجارة السودان المستفيد الثاني بعد مصر بموجب إتفاقيات الامس، من موارد النهر والذي صنفتّه الدراسات على انها سلّة غذاء الوطن العربي فماذا سيحل بالسلة والغلّة بلاماء أصلا!. لجأت لحركة دبلوماسية نشطة بدأتها مع إيطاليا لان هناك شركات ايطالية تقوم بإنشاء سد في أثيوبيا هناك عدة عوامل مؤثرة في الواقع المائي لمصر والسودان أولها إذا انفصل جنوب السودان فهذا الانفصال المُفترض سيجيّر لصالح دول الحوض المتحدية كما إن تصريحات رئيس وزراء اثيوبيا ميليس زيناوي أغلقت الباب أمام أي عودة للوضع القائم منذ العام 1959 وأطلق تصريحا ناريا قال فيه((البعض في مصر لديهم أفكار بالية ويعتقدون أن النيل ملك لمصر. الظروف تغيرت (الآن) وإلى الأبد. وأن “الاتفاقية الجديدة تهدف إلى مراجعة اتفاقيتي 1929 و1959” اللتين تحصل مصر بموجبهما على 55.5 مليار متر مكعب من مياه النيل والسودان على 18.5 مليار متر مكعب. وتعادل حصتا مصر والسودان قرابة 87% من مياه النهر)) وتعطي الاتفاقات النافذة لمصر كذلك حق تعطيل أي مشروعات في منابع النيل قد تعتبرها مضرة بمصالحها خلال عقود الخمسينات والستينات والسبعينات من القرن العشرين هيمنت على تحليلات المحللين نظرية المؤامرة خاصة في المنطقة العربية وجنوب شرق آسيا وما يسمى بالهند الصينية والتي تشمل الفيتنام وكمبوديا واللاوس وتايلاند، وقد أثبتت الأحداث والتاريخ في حينها صحة النظرية. ولكن ومع عدم تمكن العرب من حسم الصراع في منطقتهم لصالحهم مثلما فعل الفيتناميون في تهافت البعض بالمنطقة العربية بدافع أو بآخر إلى تسفيه نظرية المؤامرة بإعتبارها وهما يعكس عجز العرب. الأن مع بداية العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين عادت الأضواء لتفرض نفسها وتسطع جدية نظرية المؤامرة على هذه الأمة، وما يسمى بحرب المياه أحد روافدها.

الكاتب :


الدكتور عادل عامر
دكتوراه في القانون وخبير في القانون العام
ورئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية والاجتماعية وعضو بالمعهد العربي الاوربي للدراسات السياسية والاستراتيجية بجامعة الدول العربية

شاهد أيضاً

وَاللَّهِ إِنَّكَ لَتَعْلَمُ أَنّنا نعْلَمُ أَنَّكَ تَكْذِبُ

عند السماع لتصريح وزير خارجية امريكا الذي قال بكل فضاضة ان الخارجية الأمريكية لم نر …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

كويت نيوز

مجانى
عرض