غالباً ما يرتفع ضغط الدم تدريجياً ومن دون أعراض واضحة، ما يجعل الكثيرين يواجهون سؤالاً محورياً: هل حان الوقت لاستخدام الدواء، أم يمكن السيطرة عليه من خلال تغييرات في نمط الحياة؟
الإجابة ليست دائماً واضحة، إذ تتوقف على مدى ارتفاع ضغط الدم، والحالة الصحية العامة، والعمر. فبينما قد تكون التعديلات الصحية كافية في بعض الحالات، قد تتطلب حالات أخرى تدخلاً دوائياً.
وفي ما يلي، نستعرض كيف يمكن للطبيب والمريض معاً تقييم الحالة بدقة، واتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب، لتحديد متى تكون تغييرات نمط الحياة كافية ومتى يتعين الاستعانة بالدواء.
◄ فهم الأرقام
تُعدّ مراقبة ضغط الدم الخطوة الأولى للوقاية من أمراض القلب، حيث يُقاس الضغط برقمين: العلوي يعكس ضغط الدم أثناء انقباض القلب، والسفلي أثناء انبساطه. ويُعتبر المعدل المثالي لضغط الدم 80 / 120 ملم زئبقي أو أقل قليلاً.
وأي ارتفاع في أحد الرقمين أو كليهما يشير إلى زيادة الضغط داخل الشرايين، وهو ما يشبه الضغط الزائد في إطار مملوء بالهواء؛ إذ إن هذا الضغط المتراكم قد يؤدي بمرور الوقت إلى أضرار جسيمة، أبرزها ارتفاع خطر الإصابة بأمراض القلب والسكتات الدماغية ومشكلات الكلى.
ورغم أن ارتفاع ضغط الدم غالباً لا تصاحبه أعراض واضحة، فإن الطريقة الوحيدة لاكتشافه هي قياس الضغط بانتظام.
ويؤكد الخبراء أن إصابة نسبة كبيرة من الأشخاص بارتفاع ضغط الدم مع التقدم في العمر لا تعني الاستسلام، بل تحتم التمسك بالعادات الصحية. فالجمع بين الأدوية، وممارسة الرياضة، وتبني نظام غذائي متوازن، والحفاظ على وزن مثالي، هو السبيل الأمثل لتحقيق أفضل النتائج في السيطرة على ضغط الدم والوقاية من مضاعفاته.
◄ معدلات يجب الانتباه لها
1 – من 120 إلى 129 / 80: قد لا تحتاج إلى دواء إذا كان قياس ضغط دمك يتراوح بين 120 و129 ملم زئبقي للرقم العلوي، مع بقاء الرقم السفلي عند 80، فأنت لا تعاني من ارتفاع ضغط دم كامل، لكنك في المرحلة التي تستدعي الانتباه.
في هذه المرحلة، قد لا يوصي الأطباء باستخدام الأدوية، خاصة إذا لم تكن مصاباً بمشاكل صحية مرافقة مثل أمراض القلب أو الكلى. إلا أن هذا لا يعني تجاهل الأمر، فأنت على مقربة من الدخول في نطاق ارتفاع ضغط الدم، ما يرفع خطر الإصابة بأمراض القلب والسكتات الدماغية مستقبلاً.
وينصح الخبراء في هذه الحالة بإجراء تعديلات فورية في نمط الحياة، مثل خفض استهلاكك للملح، ممارسة النشاط البدني بانتظام، والتخلص من الوزن الزائد إذا كنت تعاني من السمنة أو زيادة الوزن. فهذه التغييرات البسيطة قد تكون كفيلة بتأخير –أو حتى منع– تطور الحالة.
2 – من 130 / 80 إلى 139 / 89 (ارتفاع ضغط الدم في المرحلة الأولى): قد تحتاج إلى دواء في هذه المرحلة. فهذه الأرقام تُصنف على أنها ارتفاع ضغط دم، وعليك اتخاذ الإجراءات اللازمة. ومن المرجح أن يقترح عليك الطبيب تجربة تغييرات في نمط حياتك أولاً قبل تناول الأدوية، إلا إذا كنت تعاني من مشاكل صحية أخرى.
3 – 130 أو أعلى: تختلف الإرشادات لكبار السن: إذا كان عمرك 60 عاماً أو أكثر، فإن الكلية الأمريكية للأطباء والأكاديمية الأمريكية لأطباء الأسرة توصيان ببدء العلاج إذا كان رقم ضغط الدم العلوي لديك 130 أو أعلى.
4 – 140 / 90 أو أعلى (ارتفاع ضغط الدم في المرحلة الثانية): قد تحتاج إلى دواء في هذه المرحلة: عادة يصف الطبيب دواء للسيطرة على ضغط الدم.
في الوقت نفسه، ستحتاج أيضاً إلى إجراء تغييرات في نمط حياتك.
5 – أما إذا كان ضغط دمك 180 / 120 أو أعلى، فهذه حالة طارئة تحتاج إلى مساعدة طبية فورية للسيطرة عليه.
عوامل تؤخذ في الاعتبار
على الرغم من أهمية قياسات ضغط الدم، إلا أنها لا توضح الصورة الكاملة، فهناك عوامل أخرى تؤثر في قرار تناول الأدوية، وفي ما يلي بعض الأمور التي يجب مراعاتها بحسب جيمس بيكرمان، طبيب، زميل الكلية الأمريكية لأمراض القلب وفقا لموقع webmd:
1 – قراءة واحدة مرتفعة لا تكفي
يُصاب الكثير من الناس بارتفاع ضغط الدم في عيادة الطبيب بسبب التوتر، لكن سيقوم طبيبك بفحص ضغط دمك عدة مرات أخرى على مدار أسابيع أو أشهر للتأكد.
إذا لم يكن لديك جهاز قياس ضغط دم منزلي، فمن الجيد اقتناء جهاز. وإذا كانت قراءات ضغط دمك المنزلية طبيعية، فقد لا تحتاج إلى علاج.
2 – مشاكل في القلب
إذا استمر ارتفاع ضغط دمك بعد ثلاثة أشهر من اتباع عادات صحية، فمن المرجح أن يصف لك طبيبك دواءً. ويزيد ارتفاع ضغط الدم من احتمالية الإصابة بنوبة قلبية أو سكتة دماغية.
وإذا كنت تعاني من مشاكل صحية أخرى، مثل ارتفاع نسبة الكوليسترول في الدم، أو داء السكري، أو أمراض القلب، فسيصف لك طبيبك الدواء بسرعة.
3 – زيادة الوزن والتدخين
من أهم العوامل التي تزيد من احتمالية الإصابة بأمراض القلب. كلما زادت هذه الحالات، زاد احتمال أن يصف الطبيب أدوية ارتفاع ضغط الدم. مع أن احتمالية الإصابة بأمراض القلب تزداد مع التقدم في السن، إلا أن مخاطر الآثار الجانبية لأدوية ضغط الدم، مثل الدوخة والسقوط، قد تزداد خطورة أيضاً.
وعليك الموازنة بين الفوائد والمخاطر… يختار بعض الناس تناولَ الدواء لقلقهم من خطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية. بينما لا يُحبّذ آخرون فكرةَ تناول الدواء يومياً أو يقلقون من الآثار الجانبية، لذلك تحدّث مع طبيبكَ حول الإيجابيات والسلبيات.
اترك تعليقاً