“استقالة العمال من وظائفهم قبل الوقت اللازم، يمكن أن يفسد حياتهم المهنية” عندما صاغ أستاذ السلوك التنظيمي، أنتوني كلوتس، مصطلح “الاستقالة الكبرى” في العام 2021، وكان يقصد فقط التعليق على الاتجاه الجديد. يتساءل كلوتس الآن عما إذا كان قد تنبأ إلى حد ما، بما يحصل الآن

لقد أصبحت اليوم الاستقالة من العمل أمراً منتشراً على نطاق واسع، سواء عبر الإنترنت أو في الحياة الواقعية. في الولايات المتحدة على سبيل المثال، أظهرت بيانات صادرة عن مكتب إحصاءات العمل الأمريكي في شهر يناير/كانون الثاني، أن ما يقرب من 49 مليون عامل تركوا وظائفهم في العام 2021 واستقال أكثر من 50 مليون عامل في العام 2022

وتظهر بعض الاستطلاعات أن العديد من أولئك الذين لم يتركوا وظائفهم ما زالوا يفكرون في الأمر، وفقاً لبيانات من استطلاع لتطبيق “لينكد إن” شمل 2000 عامل، فإن ما يقرب من ثلاثة أرباع أبناء الجيل “زد” وثلثي إن لم يكن كل جيل الألفية يفكرون في الاستقالة هذا العام. فيما تفكر الأجيال الأكبر سناً أيضاً في الاستقالة، بما في ذلك 55 في المئة من أبناء الجيل “إكس”، وثلث جيل “طفرة المواليد” -المواليد بين عامي 1946 و1964

وبينما يستشهد العمال المغادرون بالعديد من الأسباب لتسليم رسائل استقالاتهم، بينها الرغبة في مزيد من المرونة في الوقت أو المزيد من المال أو المزايا أو ترك المجتمع السيئ في الشركة، هناك أيضاً فكرة أن الاستقالة أمر معدٍ

صاغ الباحثون تأثيراً يسمى “عدوى الاستقالة” لوصف الظاهرة التي تبدأ بمجرد استقالة شخص ما، إذ تزداد احتمالية اتباع زملائه لهذه الخطوة وتصل نسبة ذلك إلى 25 في المئة، وفقاً لأحد التقارير. ويقول كلوتس إنه مع سيطرة أخبار الأرقام المرتفعة للاستقالات على عناوين الصحف، انتشر تأثير ذلك بسرعة في عالم العمل

في بعض الحالات، كما يقول كلوتز، يمكن أن يكون عامل “الاستقالة فكرة رائعة” مصدراً ملهماً ومشجعاً للعمال. إذ يقول: “شعر الكثير منا بالعجز قليلاً خلال سنوات الوباء وحتى السنوات التي سبقته”. وأضاف: “الاستقالة من وظيفتك يمكن أن تكون لحظة تمكين”

ويتابع قائلاً: “خلال علاقتنا مع صاحب العمل، يتمتع صاحب العمل بالسلطة. نحتاج إلى راتب، لذلك نتحمل الأمور التي يريدنا صاحب العمل القيام بها، حتى لو لم نرغب في ذلك. بمجرد أن تبدأ في التفكير في الاستقالة، تبدأ ديناميكية القوة في التحول. وهذا أمر مثير وجذاب حقاً. عندها تبدأ في التفكير بالقول: “لم أعد بحاجة إلى هذا بعد الآن. يمكنني فعل ما فعله زميلي في العمل والذهاب للعمل في هذه المنظمة الأخرى، إنها طفرة في القوة”

ويقول كلوتز إن الأمر مغر لأنه “يُشعرك بالتحرر”. وعندما يقرأ العمال باستمرار قصصاً إخبارية عن أشخاص يستقيلون، أو حتى يشاهدون مقاطع فيديو لهم وهم يفعلون ذلك، فإنه “من الصعب مقاومة عدم فعل نفس الشيء”

قبل انتشارها، يقول كلوتز، “كانت فكرة الاستقالة من العمل من الموضوعات المحظورة، وهو أمر تفكر فيه بمعزل عن الآخرين. لقد كان نوعاً من عملية سرية. في السنوات القليلة الماضية، أصبح العديد من الناس يشعرون براحة أكبر في الحديث عنها”

لكن ليس كل جانب من جوانب هذه القضية مشرق. إذ أن الميل إلى الاستقالة من العمل يمكن أن يلقي بظلاله على حقيقة أن ترك الوظيفة أمر صعب بالنسبة لكثيرين


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *