كويت نيوز: باتت أسعار النفط الكويتي على بعد خمسة دولارات فقط من سعر تعادل الميزانية، (سعر النفط الذي تتساوى معه إيرادات الميزانية العامة مع مصروفاتها)، ما استدعى مطالبات نيابية للحكومة بتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية الكفيلة بالحد من أثر تقلبات الأسعار، لاسيما من خلال إشراك القطاع الخاص وتسريع الخصخصة وترشيد المصروفات الحكومية.
وسجل برميل النفط الكويتي في الأسعار المعلنة من مؤسسة البترول الكويتية أمس 80.94 دولار للبرميل في تداولات الاثنين، في أدنى مستوى له منذ نوفمبر 2010، بانخفاض مقداره 3.5 دولار عن أسعار الثلاثاء.
وقدّر صندوق النقد الدولي في تقريره الأخير عن الكويت الصادر في 26 سبتمبر الماضي سعر النفط الكافي لتعادل الميزانية العامة الكويتية بـ75 دولاراً للبرميل، وهو نفسه السعر التقديري المحدّد في الموازنة العامة، التي تتوقع عجزاً بقيمة 6.63 مليار دينار. وأشاد الصندوق حينها بسعي الحكومة لتقليص الدعم على الديزل والكيروسين، وترشيد مصاريف العلاج في الخارج.
وأشارت مصادر حكومية إلى أن «انخفاض الأسعار بهذا الشكل السريع ليس بعيداً عن السيناريوات التي تضعها الحكومة، وتتحسّب لها بسياسات اقتصادية وخطوات معلنة لترشيد المصروفات، وتقليص الإنفاق الجاري غير المجدي، لاسيّما الدعم الحكومي لبعض السلع الذي لا يصل إلى مستحقّيه، وتقليص مصروفات العلاج بالخارج، في مقابل تعزيز الإنفاق التنموي على المشاريع الرأسماليّة، وتشجيع القطاع الخاص، وإطلاق عجلة تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسّطة».
وأكدت «ألا تراجع عن مشروع البديل الاستراتيجي، على الرغم من أنه يرتّب أعباء ماليّة على المالية العامة في المدى القصير، لكنّه يشكّل إصلاحاً ضرورياً على المدى البعيد».
وأوضحت أنه «في ظل السياسة المطبقة حالياً بتحويل 25 في المئة من الإيرادات إلى صندوق الأجيال القادمة، يكون السعر الكافي لتعادل الميزانية أكثر من مئة دولار للبرميل، ما يعني أن الكويت ستسجّل عجزاً هذا العام إذا ظلت أسعار النفط عند مستوياتها الحالية، وسيكون العجز حقيقياً، حتى من دون أخذ تحويلات الأجيال القادمة في الاعتبار في حال استمرت الأسعار في الانخفاض إلى ما دون الـ75 دولاراً لوقت طويل».
وتوقعت المصادر الحكومية أن تظل أسعار النفط في نطاق يتراوح بين 80 و95 دولاراً لفترة طويلة، لا تقل عن سنة.
مصادر نيابيّة علّقت بأن المطلوب من الحكومة لا يتوقّف عند ما أعلنته من خطوات لترشيد الدعم وبعض بنود المصاريف، بل لا بدّ من أن يكون هناك برنامج تنموي حقيقي، بجدول زمني تُحاسب على أساسه الحكومة، يطلق الخصخصة لتنويع موارد الدخل، وزيادة مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي وتوظيف الشباب الكويتي، بما يخفّف العبء عن كاهل الدولة تدريجياً على المدى البعيد».
وفي هذا السياق، أعلن أمين سر مجلس الأمة النائب يعقوب الصانع عزمه تقديم اقتراحات بقوانين «لفرض الضرائب على اصحاب الدخول الكبرى والغاء الدعم عن الوافدين وفرض رسوم على التحويلات المالية الخارجية».
وقال الصانع: «آن الاوان لانتهاء مفهوم الدولة الرعوية إن كنا نفكر في مستقبل الكويت».
واعتبر الصانع ان «كل من يحرص على مصلحة ومستقبل الكويت عليه أن يؤيد الضريبة على أصحاب الدخل المرتفع»، متسائلاً «هل من المعقول والمنطقي أن يتساوى هؤلاء ومن يملك الملايين بمن لا يملكون سوى رواتبهم؟».
وأضاف «سبق لي وأن انتبهت لأهمية وضرورة تنويع موارد الدخل ودعوت في دور الانعقاد الماضي إلى جلسة خاصة لهذه الغاية، وتقدم المجلس مشكوراً بجملة من التوصيات في هذا الشأن لكننا حتى الآن لم نر أي تنفيذ حكومي لها».
ودعا الصانع إلى فرض الرسوم والضرائب على الوافدين، «خصوصاً وأن حجم التحويلات المالية الخارجية للوافدين يبلغ 15 مليار دولار سنوياً، وبإمكان الدولة فرض رسوم على هذه التحويلات، وكذلك رفع الدعم عن الخدمات المقدمة لهم كالكهرباء والوقود». وبين «أن المشاريع الكبرى التي تنفذها الدولة يمكن ان تفرض عليها ضرائب وكذلك الارصدة الكبيرة بالبنوك».
وطالب الصانع «بمحاربة الفساد وايقاف الهدر والفساد المالي والاداري بالدولة واتباع سياسية شد الاحزمة شرط ألا تمس هذه السياسة اصحاب الدخول المتوسطة والضعيفة».
ومن جانبه، اعتبر النائب الدكتور يوسف الزلزلة أن «انخفاض أسعار النفط أمر متوقع ومعروف عالميا أنه غير ثابت، لكن الاسعار الراهنة تعطي مؤشراً على خطورة الوضع الذي يجب معالجته».
وقال الزلزلة في تصريح لـ«الراي»: «كان من المفترض بالحكومة التي تملك زمام الأمور، المبادرة للبحث عن بدائل لإيرادات النفطية لتلقيص الاعتماد عليها بشكل منفرد»، مؤكداً أن «على الحكومة اليوم ان تبحث بصورة جادة عن حلول لمعالجة أوضاع الموازنة العامة للدولة».
ومن جانبه، شدد النائب عبدالله المعيوف في تصريح لـ«الراي» على ضرورة أن «تعيد الحكومة النظر بأولوياتها بناءً على انخفاض اسعار النفط»، مؤكداً أن «تنويع موارد الدخل سيكون أحد محاور نقاش اولويات السلطتين».
وقال المعيوف «آن الأوان لنعيد ترتيب أولوياتنا على اساس هذا الوضع غير المستقر لاسعار النفط، وأن تعيد الحكومة النظر في الصرف على المشاريع الوهمية والمبالغ بقيمها».
وأكد المعيوف اننا اليوم بحاجة الى مكاشفة الحكومة عن اوضاع الموارنة العامة للدولة واعادة صياغة هذه الموازنة وفق المعطيات الجديدة والاوضاع الاقتصادية القائمة.
واوضح المعيوف ان الحكومة هي من تملك الارقام وعليها ان تشرح لنا كنواب خلال اجتماعات الاولويات اوضاع الموازنة الحقيقية وكل ما يتعلق بالانفاق المالي وخطوات ترشيد هذا الانفاق بشكل جاد.
وقال النائب أحمد لاري إن «انخفاض سعر النفط إلى 80 دولار يؤكد حاجتنا إلى التخطيط الاستراتيجي وهو ما طالبنا به مرارا وضرورة أن تكون لدينا خطة تنمية واضحة المعالم وقابلة للتطبيق وذلك سيكون محور بحثنا مع وزيرة التخطيط التي سنستضيفها الأحد المقبل في اللجنة المالية البرلمانية لمناقشة خطة التنمية».
وأوضح لاري أن «التعامل الاستراتيجي والتحوط من أي انخفاض في أسعار النفط يضعنا في خانة الأمان»، مستغربا أن «نتعامل مع الأوضاع كردة فعل فلا بد أن تكون هناك رؤية واضحة ولا تكون الميزانية في مجملها صرف وايرادات ولا يكون الإنفاق تحت (اصرف ما في الجيب يأتيك ما في الغيب)».
ورأى لاري أن ردة الفعل لا تأتي إلا عندما يقع «الفأس بالرأس» وقتذاك نطالب بشد الأحزمة متسائلا لماذا لا تقوم الحكومة بوضع استراتيجية وايجاد بديل للنفط وعموما رب ضارة نافعة وهناك متسع من الوقت خصوصا أن غالبية التوقعات تؤكد أن الانخفاض سيتوقف وأن سعر برميل النفط لن يهبط إلى أقل من 80 دولار وأن الانخفاض موقتا وفقا لخبراء البترول.
ولم يستبعد لاري تأثير انخفاض النفط على الايرادات ولكنه لن يضطرنا إلى اللجوء إلى أمور أخرى خصوصا أن ميزانية الدولة اعتمدت على افتراض أن سعر البرميل 75 دولاراً.
ودعا النائب أحمد القضيبي إلى ايجاد بدائل للنفط بدلا من الاعتماد الكلي عليه كمصدر وحيد للدخل خصوصا أن اسعار النفط بدأت تهبط ونحن لا نعرف إن كانت تتوقف عند هذا الحد أو أن هناك انخفاضا في الفترة المقبلة.
وقال القضيبي إن «انخفاض أسعار النفط واقترابه من سعر برميل النفط المعتمد في ميزانية الدولة حتما سيؤثر على خطط التنمية وعلى الموازنة العامة وعموما هذا الانخفاض حذر منه خبراء اقتصاديون وأكاديميون ونواب في مناسبات سابقة».
اترك تعليقاً