كشف تقرير جديد عن ظهور مرض نادر وقاتل في غزة، نتيجة تدمير إسرائيل محطات معالجة المياه، هو الشلل الرخو الحاد (AFP)، فقد شهدت الأشهر الـ3 الماضية ارتفاعاً غير مسبوق في حالات الإصابة وصلت إلى 110، بحسب صحيفة «الإندبندنت» البريطانية.

وفي السنوات السابقة، لم تشهد غزة سوى حالة أو حالتين من الشلل الرخو الحاد سنوياً.

والشلل الرخو الحاد هي حالة تُسبب ضعفاً عضلياً وشللاً سريعاً. وتظهر أعراضه عندما تُحفّز فيروسات معينة جهاز المناعة في الجسم، ما يؤدي في بعض الحالات إلى مهاجمة الجهاز العصبي.

وفي غزة، أدى الانتشار السريع للأمراض المعدية المنقولة بالمياه إلى ارتفاع ملحوظ في حالات الشلل الرخو الحاد.

وأظهرت نتائج فحوص المختبرات أن المصابين بالمرض عانوا من فيروسات معوية تنتشر عادةً عبر البشر أو الماء.

وصرَّحت منظمة الصحة العالمية، ورئيس قسم الأطفال في «مستشفى ناصر» في خان يونس الدكتور أحمد الفرا، للصحيفة، بأن تدمير إسرائيل محطات معالجة المياه الحيوية في غزة«مسؤول إلى حد كبير عن انتشار هذه الأمراض المعدية المؤدية للشلل الرخو الحاد».

وقال الفرا «إن رؤية 110 حالات أمرٌ لا يُصدَّق. إنه تفشٍ واسع للمرض، ومن المُقلق أن نرى هذا العدد»، واصفاً الوضع بأنه «أحد أكثر» الحوادث الطبية تحدياً التي شهدتها غزة منذ عام 2023.

وأضاف أن نتائج التحاليل المخبرية أظهرت أن «المياه التي يتلقاها المرضى ملوثة تماماً بمياه الصرف الصحي» نتيجة «تدمير نظام الصرف الصحي».

ويرتبط الشلل الرخو الحاد بمجموعة متنوعة من الأسباب، بما في ذلك متلازمة غيلان باريه (GBS)، وهي حالة مناعة ذاتية نادرة، والسبب الرئيسي للشلل الرخو الحاد في غزة.

ويمكن أن تسبب الحالات الشديدة من الشلل الرخو الحاد أو متلازمة غيلان باريه شللاً مدى الحياة، أو فشلاً تنفسياً، ما قد يؤدي إلى الوفاة.

وتفيد وزارة الصحة في غزة بأن 36 في المئة من حالات متلازمة غيلان باريه المُبلّغ عنها كانت لدى أطفال دون سن 15 عاماً. وفي «مستشفى ناصر» و«مستشفى الشفاء»، وهما بؤرتان رئيسيتان لتفشي المرض، توفي ما لا يقل عن 9 أشخاص، بسبب الشلل الرخو الحاد حتى الآن.

وصرح مسؤولون طبيون فلسطينيون كبار، إلى جانب منظمة الصحة العالمية، لصحيفة «الإندبندنت» بأن العلاجات الحرجة والمنقذة للحياة غير متوفرة في أي مكان في القطاع المدمَّر.

وأكد الفرا أن الشلل الرخو الحاد يتطلب «وقتاً طويلاً» للتعافي مع «علاج صعب».

والغلوبولين المناعي الوريدي (IVIG)، وهو علاج باهظ الثمن لمتلازمة غيلان باريه يمنع فشل الجهاز التنفسي، غير متوفر في غزة. كما أن تبادل البلازما، وهو إجراء تتم فيه تصفية الدم، غير متوفر.

وقال ناطق باسم منظمة الصحة العالمية إنه بالإضافة إلى تدمير إسرائيل محطات معالجة المياه، فإن هناك عوامل أخرى قد فاقمت الأزمة، مثل الاكتظاظ في الملاجئ، وسوء التغذية، وصعوبة الحصول على الرعاية الصحية، مضيفاً أن الزيادة الأخيرة في عدد الحالات ترجع جزئياً إلى تحسين عمليات الرصد.

وفي يوليو من العام الماضي، أفادت منظمة «أوكسفام للإغاثة» الدولية بأن إسرائيل دمرت 70 في المئة من جميع مضخات الصرف الصحي، و100 في المئة من محطات معالجة مياه الصرف الصحي في غزة. واتهمت تل أبيب بتقييد دخول معدات فحص المياه التابعة لـ«أوكسفام».

وصرحت منظمة «أطباء بلا حدود»، يوم الخميس، بأن إسرائيل «تحرم سكان غزة عمداً من المياه». وأضافت أنه منذ يونيو 2024، لم توافق إلا على طلب واحد من كل 10 طلبات استيراد لمواد تحلية المياه.

وأكدت أنه «يجب على إسرائيل أن تبدأ بالسماح باستيراد المعدات الأساسية لإمدادات المياه وتوزيعها على نطاق واسع».

وتابعت: «يجب على الجيش الإسرائيلي أن يتوقف عن تدمير البنية التحتية للمياه، وأن يسمح بالإصلاح الفوري لشبكات المياه المتضررة ، لضمان حصول الناس على المياه اللازمة لاستمرار حياتهم».

وأشار الفرا إلى أن الحاجة الماسة للمياه النظيفة دفعت مسؤولي الصحة في غزة إلى نصح السكان بوضع المياه التي يرغبون في شربها في ضوء الشمس، بحيث تكون معقّمة قدر الإمكان قبل شربها.

وتعليقاً على ذلك، ادعى ناطق عسكري بأن الجيش «لا يسعى إلى الإضرار بالبنية التحتية المدنية، ويضرب الأهداف العسكرية فقط، وفقاً للقانون الدولي».

وأضاف أن الجيش «يعمل على ضمان إمدادات المياه الإنسانية في غزة»، زاعماً أن «ملايين اللترات تُوفَّر يومياً عبر خطوط المياه الإسرائيلية إلى جانب شبكة المياه المحلية».


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *