قال رئيس الوزراء الماليزي أنور إبراهيم اليوم الثلاثاء أن نجاح قمة رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) ومجلس التعاون لدول الخليج العربية والصين التي عقدت في كوالالمبور مايو الماضي يعد نقطة تحول استراتيجية في المنطقة إلى عالم متعدد الأقطاب وهي إشارة واضحة إلى استعداد الرابطة لبناء جسور جديدة وإطلاق شراكات قائمة على التعاون الاستراتيجي.

وطالب إبراهيم بكلمته في منتدى خطاب السياسة العامة لرابطة (آسيان) ضمن زيارته الرسمية إلى اندونيسيا بأداء دور يتجاوز حجم الرابطة في عالم متعدد الأقطاب وذلك عبر شراكات متنوعة قائمة على الاحترام المتبادل والتعاون المشترك.

وأضاف أن الظروف الاقتصادية العالمية الحالية تستوجب توجيه الطاقات نحو الداخل من أجل بناء اقتصاد أكثر تكاملا ومرونة بين الدول الأعضاء لافتا إلى أن سوق (آسيان) الذي يضم 660 مليون نسمة يمتلك إمكانات هائلة يتطلب استغلالها ردم فجوات التنمية وتعزيز الروابط الاقتصادية بشكل أكثر عدلا.

واعتبر أن الاقتصاد الرقمي سيكون المحرك الأساسي للمرحلة المقبلة من النمو مؤكدا أن ماليزيا تواصل العمل على إتمام اتفاقية إطار الاقتصاد الرقمي ل-(آسيان) والعمل على تحديث الاتفاقيات التجارية مع شركاء استراتيجيين مثل الصين والهند وكوريا الجنوبية ما يعكس استعداد (آسيان) لقيادة التحول الرقمي.

وفي سياق متصل دعا رئيس الوزراء الماليزي إلى جعل الاستدامة في قلب الأجندة الاقتصادية للمنظمة مؤكدا أن تسريع مشروع شبكة الطاقة بين دول (آسيان) يمثل أولوية كبرى ليس فقط في إطار التحول الأخضر بل أيضا لجذب الاستثمارات وخلق وظائف عالية الجودة وتعزيز أمن الطاقة على المدى البعيد.

وأوضح أن الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة تشكل حجر الزاوية في الرؤية المستقبلية ل(آسيان) كونها تمثل أكبر اتفاق تجاري في العالم ما يعزز من دور الرابطة كمحور أساسي للهيكلية الاقتصادية الإقليمية داعيا إلى تمكين الشركات من العمل بثقة ووضوح عبر الحدود.

وسلط الضوء على تمكن (آسيان) على مدى نحو ستة عقود من بناء إقليم يسوده الاستقرار والنمو الاقتصادي بفضل قيم الثقة والحوار وبناء التوافق حيث أن هذه القيم لا تزال تمثل ركيزة للاستقرار حتى في وجه التحديات.

وذكر رئيس الوزراء الماليزي أن ماليزيا استضافت أمس الاثنين بصفتها رئيس (آسيان) اجتماعا خاصا لقادة كمبوديا وتايلاند بعد تفاقم التوترات الحدودية بين البلدين مؤكدا أن الجلوس إلى طاولة الحوار كان أمرا ضروريا وممكنا رغم خطورة التصعيد.

وأضاف أنه تحدث مع رئيس الوزراء الكمبودي هون مانيت والقائم بأعمال رئيس وزراء تايلاند فومتام ويتشاياشاي واستمع إلى وجهات نظرهما وحثهما على التوصل إلى أرضية مشتركة مبينا أن الطرفين وافقا على إيقاف فوري وغير مشروط لإطلاق النار بوساطة ودعم من الولايات المتحدة والصين.

واعتبر هذا الاتفاق دليلا ملموسا على نجاح مبادئ (آسيان) القائمة على الثقة والتعاون مؤكدا أهمية الحفاظ على هذه القيم في ظل تحولات إقليمية ودولية متسارعة موضحا أن التشرذم والانقسام في النظام الدولي يتطلبان من الرابطة التمسك بمركزيتها ووحدتها أكثر من أي وقت مضى.

وأشار إلى أن العالم اليوم يمر بحالة من التعقيد والتناقض والفوضى نتيجة الصراعات بين القوى الكبرى والمنافسة الجيو-اقتصادية وتآكل التعددية داعيا (آسيان) إلى أن تكون صوت العقل والاعتدال في هذا المشهد.

وشدد رئيس الوزراء الماليزي على ضرورة تعزيز التماسك والانسجام بين خطاب (آسيان) وسلوكها السياسي مع الالتزام بمبدأ (زوفان) المعروف بمنطقة السلام والحياد والحرية مؤكدا أهمية تعميق دور (آسيان) في الآليات متعددة الأطراف كقمة شرق آسيا و(آسيان زائد ثلاثة) والمنتدى الإقليمي ل (آسيان) داعيا إلى الشجاعة والبصيرة لرسم مستقبل أفضل للرابطة.

يذكر أن رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) تأسست في 8 أغسطس عام 1967 في العاصمة التايلاندية بانكوك بموجب (إعلان بانكوك) وبدأت بخمس دول مؤسسة هي إندونيسيا وماليزيا وسنغافورة وتايلاند والفلبين ثم انضمت لاحقا بروناي في عام 1984 وفيتنام في 1995 ولاوس وميانمار في 1997 وكمبوديا في 1999 ليكتمل بذلك عدد الدول الأعضاء إلى عشر دول.

وتهدف الرابطة لتعزيز النمو الاقتصادي والتقدم الاجتماعي والتنمية الثقافية إضافة إلى ترسيخ السلام والاستقرار في جنوب شرق آسيا من خلال التعاون البناء والحوار المستمر بين الدول الأعضاء.

وتتولى ماليزيا رئاسة (آسيان) لعام 2025 خلفا لإندونيسيا التي ترأستها في عام 2023 فيما من المقرر أن تتسلم الفلبين الرئاسة لعام 2026 وذلك وفق الترتيب الدوري المتبع بين الدول الأعضاء.


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *