مع اشتداد البرد في فصل الشتاء، يراقب مركز السيطرة على الأمراض في الولايات المتدة الأميركية (CDC) نشاط موسم الالتهابات التنفسية العلوية والإنفلونزا عن كثب. وبالرغم من أن هذه الامراض قد تحدث في أي وقت من العام، فإنها تشط عادة منذ شهر أكتوبر وتبلغ ذروتها خلال أشهر الشتاء لتخف بعد شهر مارس غالبا.
ويحاول العلماء زيادة فهم الآلية التي تسبب زيادة معدل العدوى الفيروسية وشدة الالتهابات التنفسية وضررها خلال درجات الحرارة المنخفضة والرطوبة القصوى.
وخلصت الدراسات الى نظريات عدة تتمحور حول:
– تأثير البرد في كيفية تصرف الفيروسات.
– مدى تكيف جهاز المناعة مع العدوى الشتوية.
– ممارسة عادات سلوكية شتوية تسبب قضاء المزيد من الوقت في الأماكن المزدحمة مثل قصد المجمعات التجارية والزيارات المنزلية وزيارة المرضى المصابين بالأمراض التنفسية المعدية.
– تفضيل البقاء في الجو الدافئ والأماكن المغلقة وتفادي التعرض لأشعة الشمس.
4 تفسيرات علمية
1- الهواء البارد يضعف خط دفاعنا الأول
تحاول فيروسات البرد والإنفلونزا الدخول إلى أجسامنا من خلال الانف. ومع ذلك، فبطانة الأنف لديها آليات دفاعية متطورة ضد هذه الكائنات الدقيقة تمنعها من الدخول الى الرئة.
فالمخاط يحتوي على مكونات تحصر الفيروسات وتطردها الى الخارج بواسطة حركة شعيرات صغيرة تسمى الأهداب. إلا ان الدراسات أظهرت أن برودة الجو تسبب برودة بطانة الأنف وجفاف المخاط وبطء حركة الأهداب أيضا.
وبمجرد أن يخترق الفيروس آلية الدفاع هذه سيتحكم الجهاز المناعي في محاربة الدخيل. ونظرا الى قربه من البيئة الخارجية، يكون تجويف الأنف أكثر حساسية للتغيرات في درجة الحرارة مقارنة ببقية الجسم، بما في ذلك الرئتان. حيث أظهرت دراسة بأن الانف هو الأكثر حساسية للبرودة، حتى لو لم يشعر الجسم بالبرودة.
2- الفيروسات تنتشر أسرع في الجو البارد
فيروسات الأنف، هي السبب الأكثر شيوعا لعدوى الجهاز التنفسي العلوي، وتتكاثر بشكل أكثر كفاءة في درجات الحرارة المنخفضة مقارنة بدرجات الحرارة المرتفعة. وتفضل الفيروسات التنفسية النمو والتكاثر خلال درجات الحرارة الباردة، مما يزيد فرصة انتشارها خلال الأجواء الباردة وانتقال العدوى من شخص الى آخر.
3- الاستجابة المناعية تنخفض في الشتاء
أشارت دراسات حديثة إلى أن درجات الحرارة الباردة تخفف الاستجابة المناعية للجهاز التنفسي العلوي مما يزيد فرصة تغلب الفيروسات على دفاعات الجسم والإصابة بالعدوى. واكتشفت الدراسات بأن الهواء البارد يسبب انخفاض النشاط المناعي والاستجابة المناعية. وذلك يفسر جزئيا سبب كون الناس أكثر عرضة للإصابة بعدوى الجهاز التنفسي العلوي في درجات الحرارة الباردة. وتصف الدراسة التي نشرتها مجلة Allergy and Clinical Immunology آلية في الأنف يمكنها تفسير زيادة قابلية الإصابة بالتهابات الجهاز التنفسي العلوي خلال فصل الشتاء. حيث وجد الباحثون أن انخفاض درجات الحرارة – من 37 إلى 32 درجة مئوية – يؤدي الى إضعاف هذه الاستجابة المناعية في الأنف. فهذا الانخفاض بمقدار 5 درجات في حرارة تجويف الأنف تسبب في إضعاف إطلاق خلايا مضادة للفيروسات، مما يفسر زيادة فرصة الإصابة بنزلات البرد خلال الشتاء.
4- البرودة تبطئ المناعة
الغشاء المخاطي للأنف يفرز جزيئات مضادة للميكروبات وتنشط خلايا تسمى «الظهارية» مهمة لتحفيز الاستجابة المناعية الفطرية. حيث تتمكن هذه الخلايا «الظهارية» من التعرف على أنماط السموم الميكروبية أو الجراثيم وتحفيز الاستجابة المناعية عن طريق إنتاج البروتينات المناعية.
واكتشف الباحثون أن انخفاض درجة حرارة الأنف بنحو 5 درجات مئوية يبطء إطلاق المركبات الكهربائية وبالتالي الاستجابة المناعية. مما يدل على ان درجات الحرارة الباردة لا تضعف دفاعات المناعة فقط، بل وتبطئ الاستجابة أيضا وتقلل وفرة المضادات الفيروسية في الأنف.
اترك تعليقاً