اللجوء إلى الأكل لتفريغ الشحنات العاطفية السلبية من دون أن يكون حاجة فعلية لهذا الأكل أو الشعور بالجوع، يعتبره الخبراء «مرضاً» وسلوكاً خاطئاً له انعاكسات على الصحة الجسدية والنفسية.

ووفق الخبراء فإن الاستغراق في دورة «الطعام العاطفي» التي تعيد نفسها كل مرة على الشخص، هي المتهم الأول في اكتساب الوزن الزائد والشعور بالانهاك والعجز.

وتوضح إريكا نيكول كيندال، الكاتبة والمدربة الشخصية وخبيرة التغذية أن تلك الدورة تبدأ بحدث مرهق تواجهه في العمل أو المنزل أو المدرسة أو على الطريق أو أثناء تنقلاتك أو في أي مكان ويكون خارج عن إرادتك، فتشعر بالعجز عن محاربته وليس لديك أي طريقة لحل الموقف أو إصلاحه، إلا بتناول اي من بقايا الطعام بشكل لا واع، أو قطعة بيتزا متبقية على الطبق بعد العشاء للتغلب على هذا الضغط. وتقول كيندال: «قد تأكل شيئًا حلوًا، ثم مالحًا، أو شيئًا دهنيًا أو شيئًا تعلق به عاطفياً – لا يهم، فقط تأكله وتشعر بتحسن وتتكرر دورة الأكل بالتوتر بهذا الشكل كل مرة».

ومع ذلك، عندما تستخدم الطعام كعكاز لمساعدتك في التعامل مع المواقف الصعبة أو المجهدة عاطفياً، مثل التوتر أو الملل أو الحزن أو الغضب أو الوحدة، فقد يصبح موقفًا سلبيًا يمكن أن يكون له آثار صحية ضارة.

الأكل العاطفي

وبحسب ما جاء في تقرير عالمي، بيّن غابي فاك فلوريس اختصاصي التغذية ومؤسس «غلوآند غرينز»، وهي شركة استشارية للتغذية والعناية بالبشرة مقرها في سانتا مونيكا – كاليفورنيا، فإن الأكل الناتج عن الإجهاد أو التوتر يعد شكلا من أشكال الأكل العاطفي، ويُعرفه الخبراء بأنه «استجابةً للمشاعر بدلاً من الجوع». وأوضح الخبراء أن التوتر هو أحد الأسباب الرئيسية وراء الأكل العاطفي، كونه يرفع مستويات الكورتيزول (هرمونات الشهية) في الجسم أثناء فترات الإجهاد العالية والممتدة.

من جانبها، تشير إيرين هولي، أخصائية التغذية المسجلة في مركز ويكسنر الطبي بجامعة ولاية أوهايو في كولومبوس، إلى أنه بينما يُنظر إلى الأكل العاطفي عادةً على أنه شيء سلبي، فهناك أوقات يمكن أن تكون تجربة إيجابية، على سبيل المثال، «الاحتفال بالترقية في العمل مع عشاء خاص». ويشير فلوريس إلى أن معظم الناس تم تكييفهم لربط الطعام بالمشاعر السعيدة على هذا النحو، حيث يلجأ الكثيرون للاحتفال بالمناسبات السعيدة بالطعام والحلويات.

وتضيف هولي أنه «في الأوقات الصعبة، قد يكون للأطعمة ذات المذاق الجيد أو الشهي متعة مؤقتة وأحيانًا قد تساعدنا على السيطرة على مشاعرنا، لكن اجمالا عندما نستخدم الطعام بهذه الطريقة نشعر بالإرهاق الجسدي والعاطفي، ويؤدي أيضًا إلى زيادة الوزن بشكل كبير».

الإدمان على الطعام

وتؤكد كيندال أن استخدام الطعام كعكاز لتجنب مواجهة المشاعر الصعبة هو استراتيجية شائعة، ولكن إذا لم تواجه تلك المشاعر، فقد تتجه إلى طريق صعب.

وتقول: إن استخدام الطعام للتعامل مع الألم العاطفي هو ما يسهل الإدمان، وهو في الواقع إساءة استخدام لمادة الغذاء. وتضيف أن الباحثين وجدوا أن الأشخاص الذين «يتعاطون الطعام» يعانون من نفس النبضات العصبية وردود الفعل مثل مدمني الهيرويين والكوكايين.

وقالت: الإدمان على الطعام أمر شديد الخداع، لأنه لا يمكنك العيش من دونه، الحل الوحيد وببساطة أن تتعلم كيف تستهلكه بوعي. كذلك الأمر في إدمان ممارسة الرياضة، حيث يمكن أن يكون لإدمان الطعام مشكلة صحية أكثر صعوبة في حلها.

راقب هذه العلامات

تحذر الأخصائية إيرين هولي من أن الانخراط في الأكل العاطفي بشكل متكرر يزيد الوزن بشكل سريع وقد يؤدي إلى ما يسمى «اضطراب الأكل الكامل».

وتذكر هولي أن هناك بعض العلامات التي يجب الانتباه إليها قبل أن تصل إلى تلك المرحلة. وقالت: راقب نفسك أثناء تناول الطعام، وجاوب هذه الأسئلة لتعرف اذا كنت تمر بهذه المرحلة:

◄ هل تأكل لأنك جائع؟

◄ هل تأكل لأنك تشعر بالملل؟ (تملأ فراغا عاطفيا)

◄ هل تأكل أكثر مما تأكل عادة؟ (تشعر بالتوتر)

◄ هل تبحث عن أطعمة لا تأكلها عادة، مثل الحلوى على العشاء؟ (تبحث عن الراحة)

◄ هل تأكل في أوقات غير عادية؟ (تأكل بدافع العاطفة بدلاً من الجوع)

5 سلوكيات للتعامل مع الأكل العاطفي

1 – قبل كل شيء، من المهم منح نفسك الإذن لاستكشاف سبب الأكل العاطفي من دون إصدار أحكام بالإجابة عن الأسئلة السابقة.

2 – الإبطاء عند تناول الطعام وإجبار نفسك على الانتباه إلى سبب تناولك للطعام.

3 – عندما تكتشف أنك تأكل أكثر من اللازم توقف لحظة، واسأل نفسك لماذا تبحث عن الطعام في هذه الحالة وحدد ما الذي تحتاجه بالفعل واستمع لما تشعر به.

4 – عليك بتنفيذ آليات المواجهة، فمثلا إذا كنت تريح نفسك عادة بالطعام بعد يوم سيئ، فحاول استبدال الطعام بنوع مختلف من النشاط، مثل الخروج للتنزه أو الاتصال بصديق أو الحصول على كتاب جيد.

5 – تعلم ان تستهلك الطعام بوعي وتكون حاضرا في اللحظة.

من هم المعرضون أكثر لـ«إدمان الأكل»؟ 

◄ الأفراد الذين يصعب عليهم التعبير عن المشاعر أو الحفاظ على التوازن بين العمل والحياة

◄ الأشخاص الذين لديهم تاريخ مع سلوك الأكل المشروط بالحالة النفسية

◄ الذين ليس لديهم الأدوات أو الآليات للتعامل مع الأحداث السلبية المسببة للتوتر


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *