زارت بي بي سي منطقة أنداراب وسط مراقبة يقظة من قبل حراس تابعين لطالبان عندما سافرنا عبر وادي أنداراب إلى الشمال من العاصمة الأفغانية كابل، لم نلحظ أي إشارات واضحة على وجود نزاع
ولكن رغم أن حركة طالبان أضحت الآن أكثر قوة وأفضل تسليحا من أي وقت مضى، فإنها تواجه هنا وفي إقليم بانجشير مقاومة مسلحة وليدة لحكمها
فقد عكفت مجموعات مسلحة صغيرة مختبأة في قمم الجبال، يقودها جنود سابقون في الجيش الأفغاني، على شن مناوشات والدخول في اشتباكات مع طالبان
كنا نتجول بالسيارة عبر حقول خضراء خصبة، وكان يرافقنا مسؤولون من طالبان طوال الوقت، ووسط مراقبتهم اليقظة، أخذ السكان المحليون يمتدحون تحسن الأوضاع الأمنية في ظل حكم الحركة ويقللون من شأن المتمردين. بعض هذا المديح بدا صادقا، ولكن في شارع جانبي بأحد الأسواق، قال لنا أحدهم بنبرة حزينة: “لا أستطيع أن أخبركم الحقيقة – إذا فعلت، ربما أٌقتل”
من الصعب تحديد نطاق القتال، فعادة ما تبالغ قوات المقاومة في قوتها، في حين أن طالبان تنفي نفيا باتا وجود أي مقاومة. غير أنه في إقليم بانجشير، تمكنت القوات المناوئة لطالبان من إسقاط مروحية عسكرية وأسر من كانوا على متنها
في مناطق أخرى بإقليم بغلان، صور مقاتلو المقاومة أنفسهم مؤخرا وهم ينزلون علم طالبان من فوق موقع عسكري
بيد أنه عندما توجهت بي بي سي إلى وادي أنداراب، بدت حركة طالبان محكمة لقبضتها على المنطقة
زرنا قرية قيس تاراج، حيث أكد لنا القائد العسكري المحلي أنه “ليس هناك أية مشكلات”
BBC ينفي القائد العسكري قاري جُمعه الدين وجود مقاومة مسلحة من على قمة أحد التلال المطلة على الوادي، أخبرني قاري جُمعه الدين بدري، الذي يقود كتيبة مسلحة: “تستطيع أن ترى بنفسك، لدينا فقط وجود عسكري صغير جدا هنا”
لكن مصدرا موثوقا به قال لنا إن قوات المقاومة نصبت كمينا لعربة عسكرية تابعة لطالبان بالقرب من هذه المنطقة في مايو/أيار الماضي، قُتل خلاله اثنان من أعضاء الحركة
يقول بدري: “حدث هذا قبل وقت طويل، وقد نفذنا بعض العمليات في الجبال والآن لا يوجد شيء”
وفي إقليم بانجشير، ظهرت مقاطع مصورة لقافلات طويلة من التعزيزات التي أرسلتها طالبان، ولكن مسؤولي الحركة هناك نفوا هم أيضا الأنباء المتواترة التي أفادت بوقوع اشتباكات
ويبدو أن هناك وجودا عسكريا أصغر في منطقة أنداراب، وهي البؤرة الأخرى للمشاعر المناهضة لطالبان، ولكن عندما تحدثنا سرا مع بعض السكان المحليين، أخبرونا بأن ثمة مزاعم بانتهاكات خطيرة ومتواصلة لحقوق الإنسان تقترفها طالبان في إطار مساعيها الرامية لاستئصال حركة المقاومة
وقد أخبرنا أحد أقارب ساكن من سكان القرية بأن قوات طالبان احتجزت قريبه هو وثلاثة رجال آخرين وقتلتهم فور وقوع ذلك الكمين الذي نُصب لأعضاء الحركة بالقرب من قرية قيس تاراج بعد أن اتُهموا زورا بالمشاركة في الهجوم
يقول قريب : “لقد قيدوا يديه وأطلقوا الرصاص على رأسه وصدره”
أرانا قريب القتيل صورة لجثمانه، وقال إن أعضاء طالبان قتلوا صهره أيضا، ويدعى نور الله، في نفس الواقعة. وأخبرنا كذلك بأن طالبان “منعت الرجال من حضور جنازته، لم يكن مسموحا سوى للنساء بدفنه”
وصرح لنا أحد سكان القرية، الذي كانت طالبان قد احتجزته أيضا إلى جانب الرجال الآخرين خلال عملية بحث نفذتها في أعقاب الكمين، بأن أعضاء الحركة اقتادوا قرابة 20 رجلا بعيدا عن قريتهم، باتجاه موقع الكمين، حيث ضربوهم على أرجلهم بأسلاك معدنية وعصي
ويمضي قائلا: “وضعوني في مؤخرة شاحنة نقل خفيفة (بيك-أب)، وقام أحدهم بتنكيس رؤوسنا…كان نور الله ونسيبه على متن شاحنة أخرى، ثم أنزلوهما من الشاحنة وأطلقوا عليهما النار خلف مدرعة من طراز هامفي بالقرب من مجرى مائي صغير”
كما قُتل رجلان آخران من نفس القرية في ذلك اليوم
اترك تعليقاً