يبرز يوما بعد يوم، وأكثر من أي وقت مضى، الكثير من الأدلة التي تؤكد وفق تقرير نشرته صحيفة الغارديان، أن الحركة لا تنمّي الصحة العقلية فقط بل تحميها أيضا. ويقول أستاذ علم الحركة في كلية الصحة العامة في جامعة انديانا، جاك راغلين، إن الاكتئاب هو رابع أخطر مرض في العالم ومع ذلك يتم التغاضي عن الفوائد النفسية للتمرينات الرياضية.
فإن كنت تمارس الرياضة فقط من أجل تحسين حالتك المزاجية، فإن الامر يستحق هذا المجهود والعناء، والخبر السار هو أن القليل من التمرينات يحدث فرقا كبيرا. والآن إليك كيف يمكن أن تتحرك حتى تشعر بالسعادة.
الحركة والمزاج
يُعتقد عموما أن الفوائد النفسية للتمرينات الرياضية يعود مصدرها إلى افراز الإندورفين، لكن هذا التبرير ساذج بحسب د.راغلين الذين يؤكد أن الدليل على هذا القول ضعيف جدا. ويضيف «عندما نمارس الرياضة، فإننا ننتج مزيجا من الهرمونات، تسهم جميعها في جعلنا نشعر بالرضا، ويتم إنتاج الإندورفين بكثافة معينة من النشاط، ولكن التمرين ينعكس على الحالة المزاجية عند مستوى أقل بكثير».
وفوائد التمرينات الرياضية متعددة وواضحة، إذ إنها لا تؤدي إلى زيادة «التأثير» الإيجابي أو العاطفي فحسب، بل إنها تقلل من التأثير السلبي، وهو ما يدفع إلى زيادة الشعور بالرضا.
ويوضح د.راغلين أن «جرعة» واحدة من التمارين يمكن أن تحسن الحالة المزاجية لعدة ساعات، لكن الفوائد ليست فقط «فورية وملحوظة»، فمع اتباع نظام غذائي صحي، يمكن أن يدوم الوضع على مدى عدة أسابيع. كما ثبت أن التمرين فعال في علاج القلق والأشخاص الذين يعانون اضطرابات نفسية.
يلفت د. راغلين إلى أن ممارسة الأيروبيك لمدة 15 الى 20 دقيقة ثلاث مرات أسبوعيا ستؤدي الى الشعور بفوائد أعمق وطويلة الأمد، ولكن أي جرعة سيكون لها التأثير الجيد؟
يؤكد الخبير نفسه أن المشي لمدة 5 دقائق يمكن أن يحسن أيضا الحالة المزاجية، وهذه هي الجرعة التي نحتاجها لتحقيق فائدة نفسية مقبولة للغاية.
من جانبها، تقول جوليا باسو الأستاذة المساعدة في قسم التغذية البشرية في Virginia Tech والتي درست تأثير الأنشطة المختلفة على الحالة المزاجية، إن لممارسة رياضات مثل المشي، تأثيرا قويا على الحالة المزاجية، مضيفة «مجرد الخروج إلى مكان ما وتحريك جسمك عبر الزمان والمكان، هو أمر مفيد حقا».
أفضل تمرين
قارن د.راغلين وزملاؤه بين مختلف أشكال التمارين الرياضية، ووجدوا أن الرياضات التي تتم في الهواء الطلق مثل الركض والجري والسباحة أكثر فعالية في تقليل مستويات القلق مقارنة بالرياضات التي تتم داخل القاعات. وأما بالنسبة للأشخاص الذين يعانون التوتر، فتبين أن مزيجا من الاثنين له تأثير فعال جدا. وتعتقد الدكتورة باسو ان كل الحركات مفيدة وأن افضل نشاط هو النشاط الذي تستمتع به، سواء كان السباحة أو الرياضات الجماعية أو الرقص.
هل يجب التزام روتين معين؟
من أجل تحسين اللياقة البدنية، يعد تنويع النشاطات البدية، أمرا مهما ولكن بالنسبة للتأثيرات النفسية، فإن برنامج التمرين الأكثر فاعلية، هو البرنامج الذي يمكنك الحفاظ عليه.
ويؤكد د.راغلين أن الرهان هو أن يتحول النشاط البدني الى أسلوب حياة يجمع بين التمارين المنتظمة والحركة اليومية، مما يخفف من القلق والاكتئاب والاضطرابات النفسية الأخرى، ويمنع أيضا ظهورها، كما ينظم التقلبات المزاجية الطبيعية.
ماذا لو كنت تعاني مشكلات في الحركة؟
يولّد المشي بعضا من أكثر التأثيرات عمقا، لذلك يمكن لكبار السن تجربة فوائد المشي والسباحة إن أمكن، لأنها تدعم الجسم وتقلل من خطر إصابة المفاصل.
ولكن إذا كان التنقل الجسدي يمثل تحديا، فيمكن ممارسة بعض الحركات البسيطة التي تحدث فرقا. إذ صممت السيدة ماكغونيغال تمرينا مدته ثماني دقائق سمته «حركات الفرح»، ويتضمن حركات تجسد حالات ذهنية إيجابية، تحفز الشعور بالرفاهية من خلال رفع الذراعين أو التأرجح من جانب إلى آخر أو الركل.
وتُدرِّس السيدة مكجونيغال حركات الفرح في فصول تمارين جماعية، تشمل الأشخاص الذين يستخدمون الكراسي المتحركة وأولئك الذين هم في الثمانينيات من عمرهم وما فوق. وتقول: «ليس عليك أن تكون شابا، أو تتمتع بالقوة الجسدية ؛ فالأمر لا يعتمد على الشدة وإنما على التعبير الجسدي، من خلال استخدام الجسم للتواصل مع تلك الحركات التي تدل على قدرتنا على الفرح، وتفعيلها أيضا».
اترك تعليقاً