طريقة جديدة لعلاج السرطان حققت استجابة 94 %

تناقلت حديثاً وسائل إعلام أميركية وغيرها خبر تطوير استراتيجية جديدة لمعالجة الأمراض السرطانية في مركز سالم للسرطان ‏في مدينة هيوستن الذي يرأسه الدكتور فيليب سالم.
جاء في هذا الخبر أن تطوير العلاج المناعي أدى حديثاً ‏إلى تغيير جذري في مشهد علاج الأمراض السرطانية. فالأمراض التي كانت مقاومة للعلاج التقليدي مثل سرطان الجلد المتقدم استسلمت أخيراً للعلاج المناعي‏. وكذلك أمراض أخرى مثل مرض سرطان الرئة، وهو أكثر أنواع السرطانات ‏شيوعاً في العالم وبفضل العلاج المناعي يمكننا لأول مرة أن نتجرأ على الكلام بإمكانية الشفاء من سرطان الرئة المتقدم.
يوجد حالياً ثلاث طرق رئيسية ‏لعلاج الأمراض السرطانية بواسطة الأدوية: العلاج المناعي والعلاج الكيميائي والعلاج المُستهدِف. في الوقت الذي يستهدف العلاج الكيميائي كلاً من ‏الخلية السليمة والخلية السرطانية، يهاجم العلاج المستهدف الخلايا السرطانية وحدها ولا يضر بالخلايا السليمة. لهذا السبب تختلف الآثار الجانبية ‏السلبية لهذا العلاج الأخير عن تلك التي قد تنتج عن العلاج الكيميائي. وعلى عكس كليهما ‏لا يستهدف العلاج المناعي الخلية السرطانية مباشرة بل يستهدف جهاز المناعة في جسم المريض ويعزز هذا النظام ويقويه بشكل يجعله قادراً على التعرف على الخلية السرطانية على أنها معتد غريب فيهاجمها ويدمرها.
هناك أبحاث كثيرة تثبت أن المزج بين العلاج المناعي والعلاج الكيمائي هو أفضل من أي منهما. وهناك أبحاث أخرى تتحدث عن مزج العلاج المناعي مع العلاج المستهدف. ولكن لا توجد أي أبحاث عن المزج بين الطرق الرئيسية الثلاث مجتمعة في عملية علاج السرطان. وهنا يقول الدكتور سالم، الذي يعالج مرضى السرطان منذ أكثر من 53 عاماً، «لهذا السبب، بدأنا في مركز سالم للسرطان في استكشاف فعاليّة هذا المزج بين العلاجات الثلاث منذ خمس سنوات. وقد أظهرت دراستنا أنّ هذا المزج ليس فقط فعّالاً جداً، ويُنتج معدل استجابة مرتفعاً، بل ينتج أيضاً حدّاً أدنى من المضاعفات السلبية الضارة».
بفضل مزج هذه العلاجات، أثبتت الأبحاث التي أجريت في مركز سالم للسرطان معدل استجابة لدى المرضى الذين يعانون من سرطانٍ يعتبر على أنّه متقدّم ومُستعص، لم يتم رؤيته سابقاً. وكان معظم المرضى الذين عالجهم الدكتور سالم سبق أن اعتبروا في معظم مراكز السرطان في الولايات المتحدة أنهم في مرحلة مُستعصية لا أمل فيها من شفائهم. فضمن هذه الفئة من المرضى، يكون عادة الحدّ الأقصى لمعدل الاستجابة الكلي (الاستجابة الكاملة والجزئيّة) أقل من 15 في المائة. «ولكن بفضل دمج العلاجات الذي قُمنا به، حققنا معدل استجابة إجمالي بلغ 94 في المائة. وبرأيي، هذا أمر مدهش». وقد نُشرت هذه الأبحاث في مجلة علميّة موثقة، «Trends In Cancer Research”، ضمن إصدار 29 يناير (كانون الثاني) 2020. وقبل نشر هذا المقال، نُشرت هذه الأبحاث العلمية بشكل مُلخص في مجلة علم الأورام السريري (Journal of Clinical Oncology) ضمن سياق الاجتماعات السنويّة للجمعيّة الأميركية لعلم الأورام السريري (American Society of Clinical Oncology)، التي عقدت في يونيو (حزيران) 2019 و 2020.
كانت هذه الأبحاث أول محاولة لاستخدام مزيج من العلاج المناعي والعلاج الكيميائي والعلاج المُستهدف لمعالجة أمراض السرطان المُتقدّمة والمُستعصية. بالإضافة إلى ذلك، تمت هندسة هذا العلاج بناء على الماهية البيولوجية والماهية الجينية للمرض. فعادة يتلّقى المرضى الذين يعانون من نفس النوع من السرطان البروتوكول العلاجي نفسه ولكن في هذا المنهج، يبنى العلاج على مواصفات المرض وبالتالي، يتلّقى المريض علاجاً مُختلفاً عن المريضٍ الآخر. ورغم أنّ كلّ مريض يتلّقى مزيجاً من العلاج المناعي والعلاج الكيميائي والعلاج المُستهدف، ولكن لا يتلقى مريضَان العلاج نفسه. ويشرح الدكتور سالم أن العلاج الكيميائي يصمم على أساس التشخيص الميكروسكوبي، بينما يصمم كلّ من العلاج المناعي والعلاج المُستهدف على أساس الصفات البيولوجية والجينية للورم، (biological and genomic profile). ففي حالة كلّ مريض، يتّم إرسال أنسجة الورم السرطاني إلى مختبر متخصص لتقييم شامل للصفات البيولوجيّة والتغييرات الجينيةgenetic mutations في الورم.
من السمات المميزة لنهج مركز سالم للسرطان، الذي أُطلق عليه اسم «ICTriplex»، أنّ فعاليته لم تقتصر على مرض واحد. بل تعدته إلى مجموعة كبيرة ومتنوّعة من أمراض السرطان، مثل سرطان الرئة، سرطان البنكرياس، سرطان الجهاز الهضمي، والأورام اللمفاوية والكبد، وغيرها.
ومن السمات الأخرى أنّ هذا العلاج يعبر حاجز الدم في الدماغ ويؤثر بشكل كبير على السرطان المنتشر إلى الدماغ. فثلاثة مرضى يعانون من سرطان الرئة وانتشار السرطان إلى الدماغ، حققوا استجابة كاملة ليس فقط في الجسم وحده بل أيضاً في الدماغ. واعتبر سالم أن هذه ميزة أخرى لهذا العلاج لأنّ عدداً كبيرا من الأدوية في بروتوكولات العلاج التقليدي لا تعبُر حاجز الدم في الدماغ ولا تُحقق استجابة كبيرة فيه.
لقد قدّمت أبحاث وجهود الدكتور سالم خياراً جديداً للمرضى الذين لا يملكون خيارات أخرى. وهنا لا بد من القول إن ثلاثة من أربعة مرضى اعتبروا في مراكز السرطان الرائدة في الولايات المتحدة أنهم في مرحلة مُستعصية، ولا فائدة من معالجتهم، حققوا استجابة كاملة. لذلك يقترح على الأطباء الذين يعالجون الأمراض السرطانية بالأدوية، أنه عندما يشعرون أنّ مرضاهم لا يملكون خيارات تقليدية معروفة، بأن يحاولوا معالجتهم بواسطة ICTriplex. فبفضل معدل الاستجابة الرائع الذي يفوق 94 في المائة؛ وفعاليته في أنواع مختلفة من الأمراض السرطانية، والمضاعفات السلبية المنخفضة، يعتبر الدكتور سالم أنّ هذا المنحى يُمثّل نموذجاً لما يجب أن يكون عليه علاج السرطان في المستقبل.

شاهد أيضاً

وفيات الخميس 28-3-2024

سعاد يعقوب علي الشاهين، أرملة/ علي غانم الشاهين، 82 عاما، (شيعت)، رجال: الخالدية، قطعة 1، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

كويت نيوز

مجانى
عرض