لا تزال كلفة إنتاج برميل النفط الكويتي محط أنظار الجهات الرقابية في الكويت، وعلى رأسها ديوان المحاسبة، لاسيما أن الزيادة المضطردة في التكلفة التي وصلت إلى نحو 1.5 دينار (نحو 5 دولارات) كمتوسط للبرميل خلال السنة المالية الماضية هاجسا يؤرق القيادات التنفيذية في القطاع النفطي وواضعي السياسية المالية خلال الفترة الماضية بالتزامن مع انهيارات أسعار النفط نتيجة جائحة كورونا، وذلك على الرغم من أن تلك المستويات تعتبر من الأدنى عالميا إلا أن زيادتها عاما تلو الآخر جعلت شركة نفط الكويت تدرس الأمر بعناية شديدة لتقليص نفقات التشغيل لتحافظ على ذلك المستوى من الكلفة خلال الأعوام المقبلة.
حقل برقان الكبير، ثاني أكبر حقل منتج في العالم، الذي يغطي 65% من إنتاج الكويت النفطي، يتدفق منه النفط بغزارة وبكلفة مالية متدنية للغاية بلغت نحو 170 فلسا للبرميل في الكثير من الآبار النفطية خلال السنة المالية الماضية، تلك الكلفة الزهيدة في إنتاج الحقل تجعل منه الأدنى محليا عند مقارنته مع الحقول الأخرى في شمال وغرب الكويت والتي وصلت كلفتها إلى أكثر من دينار للبرميل مثل حقل العبدلي وغيرها الكثير التي ترتفع فيها الكلفة لمستويات دفعت الشركة الى إغلاقها مؤقتا.
ولفهم أكبر لطبيعة إنتاج النفط في الكويت، قد يجهل البعض أن للحقول النفطية أعمارا افتراضية تختلف فيها مراحل الإنتاج من الذروة التي يكون الإنتاج فيها سهلا وبالطرق الاعتيادية، حيث يبلغ أعلى مراحله ثم إلى مستويات أقل تستخدم فيها طرق وتقنيات حديثة لوضع مزيد من الضغط على المكامن ومن ثم زيادة الإنتاج أو الحفاظ على المستويات القائمة، حيث يظل ما يقارب من ثلثي احتياطياته في باطن الأرض وقد يصعب استخراجها لعدم وجود تقنيات أو ارتفاع تكلفة إنتاجها ما قد يدفع إلى إيقاف الإنتاج من الحقل نهائيا أو مرحليا.
مستشار فني
إلا أن نفط الكويت وأمام تلك التحديات في الإنتاج وزيادة الكلفة المالية في بعض الآبار قامت بتنفيذ دراسات عدة للتكاليف التشغيلية من قبل مستشار عالمي وتوصلت تلك الدراسات إلى أن الزيادة في التكاليف التشغيلية ترجع لعدة أسباب منها المحافظة على مستوى الإنتاج والتعامل مع مستويات المياه وغاز كبريتيد الهيدروجين، وأن تكاليف الإنتاج ستستمر في الارتفاع للمحافظة على الطاقة الإنتاجية مستقبلا.
وطالب «ديوان المحاسبة» مجددا اتخاذ ما يلزم من إجراءات للحد من ارتفاع تكلفة إنتاج البرميل بمكامن إنتاج النفط بنسب ضخمة لبعض المكامن في ضوء نتائج الدراسات واللجان المشكلة في القطاع النفطي تجنبا لانعكاس تلك الزيادة على تكلفة إنتاج البرميل.
وأفادت شركة نفط الكويت بأن تكلفة إنتاج البرميل في الكويت تعتبر الأقل مقارنة بالدول المحيطة والشركات النفطية العالمية، حسبما أكدته الدراسات المختصة في هذا المجال، حيث تعرف تكلفة إنتاج البرميل النفطي بأنها التكلفة المتعلقة بعمليات التشغيل الخاصة بإنتاج البرميل النفطي، ومن الأمثلة على ذلك، تكاليف تشغيل وإصلاح الآبار ورواتب الموظفين وتكلفة تشعيل وصيانة مراكز الإنتاج واستهلاك الأصول الرأسمالية وتكلفة العقود والمواد التشغيلية.
حقيقة ثابتة
ويعتبر ارتفاع تكاليف إنتاج البرميل من الحقائق الثابتة في الصناعة النفطية العالمية وتشترك به جميع شركات الاستكشاف الوطنية منها والعالمية وتتنوع أسباب هذا الارتفاع إلى أسباب خارجة عن إرادة الشركات المنتجة كارتفاع التضخم وزيادة أعداد القوى العاملة وتكلفة الاستهلاك للأصول الرأسمالية وأسباب أخرى تعود إلى تأثير تقادم مكامن الإنتاج، فالمكامن النفطية عند تقادمها تحتاج إلى الدعم للاستمرار في إنتاجيتها.
وللعلم، فإن حقل برقان على سبيل المثال له خصائص تجعل منه متفردا على مستوى العالم، فالحقل الذي بدأ إنتاجه من أربعينيات القرن المنصرم لا يزال يتمتع بقدرة إنتاجية تعتبر الأفضل بين أقرانه وتكلفة إنتاجه تعتبر من الأفضل بلا منازع وقد قامت «نفط الكويت» وبمساعدة مستشار عالمي بدراسة تكاليف إنتاج البرميل وأسباب ارتفاعها وعلى الرغم من أن الدراسة أكدت أن تكلفة الإنتاج في الكويت تعتبر من الأقل في العالم، إلا أن شركة نفط الكويت تعمل وبشكل دوري على تنفيذ مبادرات تحسين وترشيد الإنفاق، ما يساعد شركة نفط الكويت على المحافظة على موقعها كأقل الشركات كلفة للإنتاج.
2.9 مليون برميل إنتاج نفط الكويت العام الحالي
أمام التحديات العالمية في الإنتاج النفطي والتزام الكويت بقرارات منظمة (أوپيك) قامت شركة نفط الكويت وبتوجيهات من مؤسسة البترول الكويتية بتخفيض الطاقة الإنتاجية المستهدفة من خطة خمسية إلى أخرى، وذلك نتيجة مراجعة أداء الشركات النفطية وقدراتها الداخلية، ونتيجة لهذا التقييم قامت «البترول» بتحديث التوجهات الاستراتيجية للطاقة الإنتاجية للنفط الخام وقد تم اعتمادها من المجلس الأعلى للبترول، والتوجهات المحدثة وهي للطاقة الإنتاجية المتاحة للنفط الخام بكمية تقدر بـ 2.900 مليون (برميل) يوميا في السنة المالية 2020/2021 و3.20 ملايين (برميل) يوميا في السنة المالية 2025/2026 و3.20 ملايين (برميل) يوميا في السنة المالية 2030/2031 و3.65 ملايين (برميل) يوميا في السنة المالية 2035/ 2036 و3.65 ملايين (برميل) يوميا في السنة المالية 2040/2041.
23 ألف برميل يومياً إنتاج «النفط الثقيل»
رصد «ديوان المحاسبة» أن شركة نفط الكويت لم تتمكن من تحقيق الطاقة الإنتاجية المخططة للنفط الثقيل للسنة المالية 2019/2020، حيث بلغت كميتها الفعلية 23 ألف برميل يوميا بانخفاض ما كميته 52 ألف برميل يوميا بنسبة 69.3% مقارنة بالطاقة الإنتاجية المستهدفة البالغة كميتها 75 ألف برميل يوميا، وذلك نتيجة لتأخر مشروع فارس السفلي للنفط الثقيل.
وقال إن شركة نفط الكويت لم تقم بتحديد تكلفة البرميل من النفط الثقيل حتى شهر يوليو 2020 على الرغم من بدء الإنتاج في 26 مارس 2020 وطلب الديوان من الشركة تحديد تكلفة إنتاج البرميل لما لذلك من آثار على مدة الجدوى من تنفيذ المشروع وتحقيق الغرض منه والذي يترتب عليه اتخذا القرار المناسب بشأن استمرار الإنتاج او إيقافه في ظل إيقاف الشركة للعديد من الآبار المنتجة للنفوط الأعلى جودة نتيجة تخفيض حصة إنتاج الكويت من النفط الخام.
اترك تعليقاً