أصدرت الأمانة العامة لمنظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول (أوابك)، تقريراً حول التطورات في الأوضاع البترولية العالمية في ظل جائحة فيروس كورونا المستجد Covid 19، وتناول التقرير التطورات الاقتصادية العالمية وفقاً لتقرير افاق الاقتصاد العالمي، أكتوبر 2020 صندوق النقد الدولي، كما استعرض الإمدادات النفطية النفط الخام وسوائل الغاز الطبيعي (مليون برميل/يوم)، وفقاً للتقرير الشهري لمنظمة أوبك وتقرير Petroleum Intelligence Weekly، أكتوبر 2020.
وأوضح التقرير أن السياسات النقدية والحزم المالية التحفيزية التي نفذتها غالبية الدول الأعضاء على صعيد الصحة والمالية العامة والقطاع المالي حدّت من الاّثار الاقتصادية المباشرة الناجمة عن جائحة فيروس كورونا المستجد.
وبين ان برامج الإصلاح والتنويع الاقتصادي التي يجري تنفيذها في بعض الدول الأعضاء في المنظمة التي شهدت تحسن نسبي في مستويات النشاط في القطاعات غير النفطية، قد قدمت دعماً نسبياً للأداء الاقتصادي.
وتوقع التقرير انخفاض الامدادات النفطية العالمية خلال عام 2020 على خلفية اتفاقية دول أوبك+ في شأن خفض قياسي لإنتاج النفط الخام الذي دخل حيز التنفيذ منذ شهر مايو 2020. كما أشار إلى اعلان رفع حالة القوة القاهرة واستئناف انتاج النفط في دولة ليبيا، التي لا يشملها اتفاق دول أوبك+، عقب توقف دام نحو 8 أشهر، حيث تشير أحدث توقعات لوكالة الطاقة الدولية إلى وصول انتاج دولة ليبيا النفطي إلى نحو 1 مليون ب/ي بحلول شهر نوفمبر 2020.
وأشار التقرير إلى أن نسبة التزام دول أوبك+ بالاتفاق بلغت 102 في المئة في سبتمبر 2020، وهي الأعلى منذ شهر مايو 2020 (باستثناء التخفيضات الإضافية الطوعية في يونيو).
كما أشار إلى أن تباطؤ تعافي الاقتصاد العالمي بسبب الموجة الثانية من الإصابات بفيروس كورونا المستجد (Covid-19) في الاقتصادات الرئيسية، لا سيما في الأميركتين وآسيا وأوروبا، يستوجب ضرورة توخي اليقظة واتخاذ الإجراءات الاستبقية اللازمة في ظل ظروف السوق غير المستقرة وآفاقها المستقبلية.
وتطرق التقرير للتطورات الجارية على صعيد انتاج النفط الصخري وعدد الحفارات العاملة في الولايات المتحدة الأميركية، وفقاً للتقرير الشهري لإنتاجية الحفر لشهر أكتوبر 2020 الصادر عن إدارة معلومات الطاقة الأميركية، وأوضح ان إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة قد انخفض بشكل حاد خلال الربع الثاني من عام 2020، مسجلاً بذلك أكبر انخفاض فصلي له على الإطلاق مُنذ بدء الاحتفاظ بسجلات في عام 2007، تزامناً مع التراجع الحاد في أسعار النفط الخام، بسبب جائحة فيروس كورونا المستجد (Covid – 19). ولاحظ بدء تعافي إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة خلال الربع الثالث من عام 2020 بدعم من ارتفاع أسعار النفط الخام إلى مستويات أعلى من تكلفة الإنتاج. وفي هذا السياق، أظهر أحدث مسح فيديرالي للطاقة تم إجرائه في مقاطعة Dallas إلى أن سعر خام غرب تكساس الذي تحتاجه شركات الطاقة الأميركية لتغطية نفقات تشغيل الاَبار المحفورة المكتملة يتراوح ما بين 23 إلى 36 دولار/برميل. كما لاحظ التقرير ان من الواضح أن انتعاش صناعة النفط الصخري الأميركي يبدو محدوداً نظراً للتخفيضات الكبيرة التي اجرتها الشركات في النفقات الرأسمالية، إلى جانب تراجع إقبال المستثمرين في الأسهم والسندات على شركات التنقيب الصغيرة والمستقلة، التي كانت سبباً رئيسياً في طفرة إنتاج النفط الصخري بالولايات المتحدة الأميركية. وأشار التقرير إلى انخفاض عدد الحفارات العاملة خلال الربع الثالث من عام 2020، مسجلاً أدنى مستوى فصلي له منذ بدء الاحتفاظ بسجلات وهو 224 حفارة.
وحول التطورات الجارية في الطلب العالمي على النفط، أوضح التقرير حدوث انخفاض في الطلب العالمي على النفط خلال الربع الثاني من عام 2020 بشكل قياسي بلغ نحو 10.1 مليون ب/ي مقارنة مع الربع السابق. قبل أن يبدأ في التعافي خلال الربع الثالث، تزامناً مع بدء استئناف النشاط الاقتصادي في العديد من دول العالم.
وتوقع التقرير استمرار تعافي الطلب خلال الربع الأخير من عام 2020، إلا أن حالة من عدم اليقين تحيط بتلك التوقعات في ظل الموجة الثانية المتصاعدة من الإصابات بفيروس كورونا المستجد (Covid-19) على مستوى العالم، والتي تركز أغلبها في الهند والولايات المتحدة وأوروبا وبعض دول أميركا اللاتينية، مما أضطر عدة دول مثل بريطانيا وفرنسا واسبانيا إلى فرض قيود أكثر صرامة والعودة لإجراءات الإغلاق الجزئي.
وبشكل عام يتوقع تراجع الطلب العالمي على النفط في عام 2020 بشكل قياسي يبلغ نحو 9.5 مليون ب/ي مقارنة بالعام السابق، مسجلاً 90.3 مليون ب/ي، ويُعد هذا التراجع هو الأول منذ عام 2009. ومن المتوقع أن يرتفع الطلب العالمي بنحو 6.5 مليون ب/ي خلال عام 2021.
وفي شأن التطورات في أسعار النفط الخام العالمية، أشار التقرير إلى حدوث انخفاض في معدل أسعار سلة خامات أوبك خلال شهر أبريل 2020 إلى 17.66 دولار/برميل، وهو أدنى مستوى شهري له منذ شهر ديسمبر 2002. كما شهد شهر مايو 2020 أول ارتفاع لمعدل أسعار سلة خامات أوبك خلال هذا العام. واستمر هذا الارتفاع حتى شهر أغسطس 2020 بدعم من انخفاض الفائض في الإنتاج، وانتعاش عمليات التكرير ومعدلات التشغيل في مصافي النفط العاملة في المناطق الرئيسية، رغم إنها لا تزال دون مستويات ما قبل جائحة فيروس كورونا المستجد (Covid-19)، تزامناً مع التحسن التدريجي في الطلب على المنتجات النفطية في ظل قيام المزيد من الدول بإلغاء تدابير العزل التي اتخذتها لمواجهة هذه الجائحة، مما أدى إلى انخفاض مخزونات النفط الخام وبخاصة في الولايات المتحدة الأميركية.
وأشار التقرير إلى معاودة أسعار سلة خامات أوبك انخفاضها في شهر سبتمبر 2020 متأثرة بتنامي المخاوف في شأن تباطؤ وتيرة تعافي الطلب على النفط على خلفية تزايد عدد الاصابات الجديدة بفيروس كورونا المستجد عالمياً، مما قد يهدد الاَمال في شأن تعافي الاقتصاد العالمي. بالإضافة إلى تجدد المخاوف في شأن تخمة المعروض النفطي.
واستعرض التقرير انعكاسات التطورات الحالية في الاقتصاد العالمي وفي السوق النفطية العالمية على اقتصادات الدول الأعضاء في منظمة أوابك، حيث أشار إلى تأثر الدول الأعضاء المُصدرة للبترول خلال عام 2020 بالصدمة المزدوجة الناجمة عن جائحة فيروس كورونا المستجد وما ترتب عليها من انخفاض حاد في أسعار النفط الخام العالمية والطلب عليه. وتزامناً مع ارتفاع نسبة التزام دول أوبك+ باتفاق الخفض القياسي للإنتاج والذي نجح في استرداد جزء من الخسائر في أسعار النفط التي لا تزال أقل بنسبة 40 في المئة من مستواها قبل الجائحة. تراجعت بشكل حاد الإيرادات النفطية والتي تُعد من أهم مصادر الدخل القومي في الدول الأعضاء، وتساهم في تحقيق التنمية المستدامة.


اترك تعليقاً