بعد أن تناقلت العديد من وسائل الإعلام ظاهرة انتشار الصرصور الأسود في إحدى الدول المجاورة ووصفت ذلك بأنه ظاهرة خطيرة وغير طبيعية، وتطرقت إلى تخوف الكثير من المواطنين من احتمال وصول أعداد هائلة من هذه الحشرة إلى الكويت في الأسابيع المقبلة، صرحت الأستاذ المساعد في فسيولوجيا وأيكولوجيا الحشرات بكلية التربية الأساسية د.جنان الحربي بأن هذه الحشرة بالذات ليست لها القدرة على الطيران بسبب افتقارها للأجنحة الخلفية والقصور في الجناحين الأماميين، مضيفة أن الاحتمال الوارد لانتقالها أن يتم ذلك ميكانيكيا عن طريق وسائل النقل والبضائع المستوردة من المناطق التي تنتشر فيها تلك الحشرة.
وقالت الحربي إن حشرة «سوير الليل» المنتشرة بكثرة حاليا في بلدان مجاورة هي في مراحل عمرية مختلفة بعضها حشرة كاملة والبعض الآخر في آخر مراحل انسلاخات الحورية التي قد تستغرق أسبوعا بالكثير لتصبح حشرة كاملة، وللعلم شوهدت هذه الحشرة بمناطق متفرقة في الكويت إلا أن أعدادها قليلة إلى الآن.
ولأن هذه الحشرة ترتبط حياتها بالحقول والمناطق الزراعية فأعتقد أن هناك احتمالا لأن تتزايد أعدادها بنسب قليلة جدا خلال الأسابيع المقبلة وذلك بسبب الأمطار الكثيفة السابقة التي شجعت نمو وظهور العديد من النباتات على غير المعتاد، ولكن لن تظل الحشرة لفتره طويلة لأنها ستموت مع الارتفاع الحاد في درجات الحرارة ومع قرب فترة الصيف الحارة، والمهم في الأمر إذا زاد انتشار حشرة سوير الليل في الكويت فلا داعي للخوف والهلع فهي حشرة غير مؤذية لا تنقل أي من مسببات الأمراض ولكنها تسبب الإزعاج والقلق لدى البعض.
وأضافت الحربي انه بالرغم من الذعر الذي تسببه هذه الحشرة لكثير من الناس إلا أنها برزت بشكل ملحوظ في الأدب والفولكلور باعتبارها رمزا لحسن الحظ والتفاؤل، كما أنها تعد من المقبلات الشهية في أغلب دول جنوب شرق آسيا، وتقدم أيضا للحيوانات كغذاء غني بالفائدة لما تحتويه من نسب عالية من الفيتامينات والبروتينات والأملاح المعدنية، لافتة إلى أن إحدى الدراسات الأميركية الحديثة كشفت أن هذه الحشرة من المغذيات التي لها فائدة كبيرة في تنشيط وتحسين الفلورا (البكتيريا) المعوية المفيدة لدى الإنسان.
وأضافت أن هذه الحشرة تعرف باسم كريكيت Gryllus campestris وهي تنتمي إلى عائلة Gryllidae ويطلق عليها الكويتيون اسم «سوير الليل» لما تصدره من أصوات وصفير عند حلول الظلام، وهي معروفة كذلك باسم صرصور الحقول، وصرصور الليل وهي حشرة تنشط فقط في الليل ولكنها تظل مختبئة تحت الأرض وبين بقايا المخلفات النباتية في فترة النهار وتنجذب إلى الإضاءة بشدة وخاصة البيضاء.
وزادت أن حشرة «سوير الليل» لها القدرة على التكيف مع الظروف البيئية والمناخية المختلفة، فنراها موجودة في الصحاري والمزارع والغابات وعلى الشواطئ، ويتضمن نظامها الغذائي أنواعا مختلفة من المواد العضوية للنباتات والفطريات وفضلات الطعام وهناك منها اللاحمة التي تتغذى على بعضها البعض أو على الحشرات الصغيرة الميتة، مضيفة أن هذه الحشرة تمتاز بتعدد ألوانها مثل الأسود أو الأحمر أو البني أو اللون الأخضر على حسب النوع.
وفي وصف لـ«سوير الليل» ذكرت الحربي أنها حشرة ذات جسم طويل أسطواني الشكل إلى حد ما ورأس كروي وجناحين أماميين صغيرين تستخدمهما في حماية أعضاء جسمها الداخلية وليس لديها جناح خلفي، وعلى جانبي رأسها عينان مركبتان بينما في مقدمته 3 عيون بسيطة، ولديها أرجل عضلية قوية تستخدمها في القفز والتنقل، مشيرة إلى أن الذكر لونه أسود لامع في حين تمتاز الأنثى باللون البني الداكن وتوجد بقع صغيرة صفراء فاتحة اللون على الجناح الأمامي الصغير في كل منهما.
وأوضحت الحربي أن الذكر يعتبر مصدر إزعاج للناس لقدرته على تغريد أصوات مميزة مثل «النقيق» يغازل به الإناث خلال طقوس التزاوج أو كإشارة على العدوان تجاه غيره من الذكور أو أثناء الاحتفال بعد الانتهاء من التزاوج بنجاح، وتسمع الأنثى وتستجيب لتغريد الذكر عن طريق مراكز حسية سمعية موجودة على الأرجل الخلفية.
وأشــارت إلــــى أن هناك اعتقادا خاطئا بأن الصرصور يستخدم رجليه لإصدار الأصوات لكنه في الواقع يستخدم جناحيه، حيث يقوم بكشطهما معا في عملية تسمى «التحويلة»، ويرتبط معدل وطول التغريدة بدرجات الحرارة فكلما اعتدلت الحرارة زاد تواتر التغريد ومن ثم زاد التزاوج. وبإمكان الإنسان أن يستدل على درجة الحرارة الخارجية مستندا الى عدد مقاطع الصوت تبعا لقانون دولبير والذي يتم احتسابه كالتالي: (درجة الحرارة بالفهرنهايت = 50 + (عدد مرات صوت الصرصور في الدقيقة -40)/ 40).
واختتمت الحربي بأن دورة حياة حشرة سوير الليل تتخللها ثلاث مراحل للنمو: البيض والحورية (تنسلخ عدة مرات) والحشرة الكاملة، مضيفة أنها تنتج جيلا واحدا فقط في دورة حياتها وتضع خلالها 350-400 بيضة في شقوق التربة الرطبة الدافئة في الفترة ما بين منتصف شهر يوليو وبداية شهر أغسطس، ويفقس البيض بعد 15 يوما ليصبح حورية تنسلخ انسلاخها الأول ثم تظل مختبئة طوال فصل الخريف والشتاء، وعندما ترتفع درجات الحرارة خلال منتصف شهر أبريل تكمل الحوريات ما تبقى لها من انسلاخات لتنطلق بعد ذلك كحشرة كاملة.
اترك تعليقاً