886c80d7-e1bd-4389-9fd3-7f18176c4998

تشهد العلاقات المصرية الروسية تقارباً غير مسبوق، إذ تعتبر القاهرة ثان أكبر دولة مشترية للسلاح من روسيا، كما أن حجم التبادل التجاري بين البلدين بلغت قيمته 6.5 مليار دولار سنويا، إضافة إلى توافق في الرؤى الدبلوماسية بين البلدين إزاء العديد من الملفات الإقليمية في الشرق الأوسط، بينما يسير منحنى العلاقات المصرية الأمريكية بشكلٍ بطيء.
حيث قال السفير الروسي في مصر، سيرغي كيربيتشينكو إن روسيا ومصر تمتلكان أوراقا سياسية مهمة، وأكد خلال مؤتمر صحفي في 23 أكتوبر2018 أن موسكو والقاهرة مصممتان على المضي قدما في التعاون الثنائي في كافة المجالات، وبدون استثناء.
يأتي هذا بعد زيارة الرئيس المصري إلى روسيا في 17 أكتوبر 2018، وقع خلالها اتفاقية الشراكة الشاملة والتعاون الاستراتيجي بين البلدين .
وشهدت القمة الثنائية بين الرئيسين بحث عددا من الملفات الإقليمية، وكذلك التعاون الاقتصادي والعسكري بين الجانبين.
وقال الرئيس المصري أنه ناقش مع نظيره الروسي القضية الفلسطينية، وكان هناك تقارب كبير في مواقف مصر وروسيا إزاء عملية السلام الفلسطينية-الإسرائيلية.
وأضاف السيسي: “اتفقنا على أهمية مواصلة التنسيق بين مصر وروسيا بشأن سوريا ودعم الحل السياسي لأزمتها”.
من ناحيته يرى السفير رخا حسن عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، أن العلاقات المصرية الروسية في نمو متصاعد، مدللا على ذلك بحجم الاستثمارات المتنامي بين البلدين، قائلاً : “روسيا ستمتلك أول منطقة اقتصادية في الشرق الأوسط على الأراضي المصرية”.
واعتبر حسن في حديث هاتفي مع “الدروازة نيوز “أن مشروع المحطة النووية سيربط مصر بروسيا خلال الـ 25 عاما المقبلة، حيث من المتوقع أن يتم إنشاؤه على مدار عشرة سنوات، وعشرة آخرين يعود حق الإدارة فيهم لروسيا، والتي استطاعت أن تفوز بالمشروع بدلا من أن تفوز به كوريا الجنوبية وهو ما أثار تحفظ واشنطن.

مصر وأمريكا .. حلفاء ولكن

ويعتقد رخا حسن أنه رغم استراتيجية العلاقات المصرية الأمريكية، إلا أن منحنى العلاقات بين الجانبين يسير ببطء شديد.
مضيفا ” هذه هي المرة الثالثة التي يزور فيها وفد أمريكي اقتصادي لمصر منذ 2014 دون البدء أو الاتفاق على استثمارات فعالة”
وزار وفد من ممثلي الشركات الأمريكية، وأعضاء مجلس الأعمال المصري- الأمريكي والغرفة التجارية الأمريكية بالقاهرة مصر في 24 أكتوبر 2018، التقوا خلالها الرئيس المصري.
وأضاف السفير المصري بأن رهان الرئيس المصري على الإدارة الأمريكية بقيادة ترامب ربما كان خاطئاً، لافتاً إلى أن الرئيس الأمريكي وعد السيسي أكثر من مرة بزيارة القاهرة ولم يفعل ولا أظنه يفعل على الأقل في دورته الرئاسية الأولى، كذلك حجبت واشنطن مساعدات عسكرية واقتصادية عن مصر قيمتها 290 مليون دولار في 22أغسطس 2017. وهو ما أثار غضب القاهرة.
وأشار حسن إلى أن ثمة فتور في العلاقات المصرية الأمريكية في الوقت الراهن قائلا ” حتى الآن أمريكا ليس لديها سفير في القاهرة منذ يوليو 2017 ، وكان السفير السفير الأمريكي روبرت ستيفن بيكروفت لدى مصر قد أنهى خدمته في 2017 وغادر القاهرة، ومنذ ذلك الوقت لم تعين واشنطن سفيرا جديدا في مصر .
وعلى الصعيد السياسي يعتقد السفير المصري أن الرؤية المصرية تتطابق مع الرؤية الروسية في الملفات الإقليمية ولا سيما الأزمة السورية وكذلك القضية الفلسطينية، على عكس البوصلة الدبلوماسية الأمريكية التي تختلف في رؤيتها مع مصر، إزاء الملفين.

مناورة سياسية مصرية بين القوى العالمية

من ناحيته قال طارق فهمي رئيس وحدة الدراسات الإسرائيلية بالمركز القومي لدراسات الشرق الأوسط، أن الملف الفلسطيني بات محل تباين وجذب بين القاهرة وواشنطن، منذ إعلان الرئيس الأمريكي نقل سفارة بلاده للقدس في ديسمبر 2017 ، وهو الأمر الذي تعترض القاهرة عليه.
وأضاف فهمي في اتصال هاتفي مع الدروازة ” الرئيس السيسي كان متحمسا للتعاون مع إدارة ترامب في السابق، فيما يخص القضية الفلسطينية أما الآن يبدو أن صفقة القرن لن يتم تمريرها”.
وأوضح فهمي أن مصر تحفظت على البنود الأمريكية لـ “صفقة القرن” معتبراً أن السيسي لن يستطيع مجاراة الولايات المتحدة فيما يخص فلسطين.
ونوه فهمي إلى أن الموقف المصري إزاء فلسطين أقرب إلى الموقف الروسي من الأمريكي، لكنه اعتبر في الوقت نفسه، أن ذلك لا يعني انتقالنا للمعسكر الروسي، قائلا ” الدبلوماسية المصرية تؤدي دورا محوريا داخل الإقليم العربي، لكن أمام القوى العالمية فالسيسي يقود مناورة سياسية، فهو ينطلق في الملف السوري تحت مظلة الروس، بينما في الملف الفلسطيني تحت مظلة الأمريكان”
معتبراً أن خيارات القاهرة محدودة وفرص تحركها محكومة بأطراف إقليمية نافذة.
وأشار فهمي ، والذي كان حاضرا في اجتماعات أجرتها الخارجية المصرية في أغسطس 2017، أن صفقة القرن لم يتم بلورتها حتى الآن، وأن ما تطرحه الإدارة الأمريكية على القيادة في مصر ليس مقبولا في الوقت الراهن.
وكان معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، نشر ورقة تحليلية بعنوان خطاب السيسي المعادي لإسرائيل، في 17 أكتوبر 2018، أوصى فيها إدارة ترامب بتوجيه رسائل لمصر للتخفيف من حدة خطاب القيادة السياسية في مصر ضد إسرائيل، معتبراً أن التصريحات المصرية لن تساعد الإدارة الأمريكية على الترويج لخطة سلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، واعتبر المعهد أن القاهرة مكوّناً أساسياً في أي عملية سلام فلسطينية مستقبلية.

العلاقات المصرية الأمريكية غير مستقرة
من جهته قال محمد العرابي عضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب، أنه في العصر الحديث تستطيع الدول إقامة علاقات متوازنة. مع القوى العالمية.
قائلا ” السيسي يعمل بمهارة دبلوماسية، فهو يفصل بين الملفات التي يختلف فيها مع واشنطن مثل الملف السوري والليبي ويحاول كسب مساحات للتوافق في ملفات مثل فلسطين” .
واعتبر العرابي وهو وزير خارجية سابق، أن العلاقات المصرية الأمريكية ليست مستقرة ودائمة الصعود والهبوط، فيما عزا التقارب المصري الروسي لعدم قدرة القاهرة على المراهنة بشكل كامل على واشنطن، والتي لم تقدم لمصر شيئا في المرحلة الأخيرة على حد وصفه.
بعكس العلاقات مع روسيا والتي باتت أرحب حتى من فترة الستينات، في ظل الاتحاد السوفيتي.
وبسؤاله عما إذا كان هناك إمكانية للتقارب بين وجهتي النظر الأمريكية والمصرية ، قال العرابي “وجهة النظر المصرية ثابتة منذ 2013 فيما يخص الملف الفلسطيني والملف السوري، وأعتقد أنه بات من الصعب تغييرها “.
يذكر أن الرئيس المصري التقى نظيره الروسي 9 مرات خلال الخمس سنوات الماضية، ويعزز على نحو مطرد علاقته مع روسيا وهو الأمر الذي ترحب به الأخيرة.
وقاما بإحياء التحالف التاريخي بين مصر والاتحاد السوفيتي الذي كان قائما في السبعينيات.


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *