
كويت نيوز: أدى الانخفاض الكبير في أسعار النفط خلال الثمانية عشر شهرا الأخيرة إلى إعادة توزيع الدخل على المستوى الدولي، بين المصدرين والمستوردين، بحيث كان بالنسبة للبعض انخفاض الأسعار هدية كان لها أثر على تخفيض الضرائب عن كاهل المستهلكين، وهذا يعني أنه أصبح بمقدورهم إنفاق المزيد من الأموال على السلع والخدمات الأخرى، التي تنتج بعضا منها شركات في ذات الدولة.
ووفقا لتقرير نشرته «بي بي سي» سيخفض ذلك الوضع من نفقات المشروعات التي تستخدم المشتقات النفطية، ومن بينها تكاليف نقل السلع وصناعة البتروكيماويات التي تصنع البلاستيك والأسمدة والأقمشة الصناعية، وكل الصناعات التي تستخدم المواد الخام المستخرجة من النفط المكرر.
ومنطقة اليورو مثال على ذلك، ففي خلال العامين السابقين للانخفاض الكبير في الأسعار انكمش اقتصاد دول المنطقة، لكنه شهد نموا خلال العامين الماضي والجاري، حتى وإن كان ذلك النمو ليس كبيرا.
ولم يكن انخفاض أسعار النفط هو العامل الوحيد وراء ذلك النمو، لكنه بالتأكيد قد ساعد عليه.
أما بريطانيا فقد شهد اقتصادها نموا أقوى، وإن كانت صناعة النفط فيها قد تأثرت.
حيث نما اقتصادها بشكل أسرع خلال عامي 2014 و2015، مقارنة بالأعوام السابقة.
وتقول تقديرات مجموعة «بي دبليو سي» الاستشارية إنه إذا دارت أسعار النفط حول 50 دولارا للبرميل خلال السنوات الخمس المقبلة، فإن ذلك سيعزز الاقتصاد البريطاني بنحو 1%.
وهي ليست نسبة ضخمة، لكنها ذات قيمة.
ويرى التقرير ان هناك فائدة أخرى من انخفاض أسعار النفط، فالعديد من دول العالم تدعم أسعار الوقود.
وتقدر وكالة الطاقة الدولية ان الدعم الحكومي لأسعار الوقود الحفري حول العالم خلال عام 2014 بلغ 500 مليار دولار.
ومن بين هذه الأموال ذهب نحو 267 مليار دولار لدعم أنواع الوقود المشتقة من النفط.
ويعني انخفاض أسعار النفط أن الحكومات بمقدورها أن تخفض الدعم، بينما يدفع المستهلكون الأسعار ذاتها، على الرغم من أن هذا سيؤدي في النهاية إلى ارتفاع أسعار الوقود بالنسبة لهؤلاء المستهلكين، حينما تبدأ سوق النفط في التعافي من جديد.
وبالفعل استغلت دول، مثل الهند ومصر وإندونيسيا، الفرصة وقامت بخفض الدعم عن المشتقات النفطية.
هذا هو الجانب الإيجابي، لكن حتى بالنسبة للمستوردين الخالصين للنفط، هناك جانب سلبي.
وتعتبر الولايات المتحدة مستوردا خالصا (تعتمد بدرجة كبيرة على الاستيراد) للنفط، لكن الانعكاسات الإيجابية لانخفاض الأسعار ليست واضحة تماما، كما لو كان ذلك قبل نحو 10 سنوات من الآن.
والسبب هو ظهور النفط الصخري، وهذا يعني أن الاعتماد الأميركي على النفط الخارجي قد تراجع بشكل كبير.
ففي عام 2005 غطت الولايات المتحدة 35% من احتياجاتها من النفط الخام ذاتيا، وخلال العام الماضي قفز هذا الرقم إلى 61%.
ويعني صعود النفط الصخري أن قطاعا أكبر من الاقتصاد الأميركي سيكون معرضا لتأثيرات انخفاض سعر النفط.
ويقول التقرير ان هناك الكثير من الدول تعد مستوردا خالصا للنفط، لكن لديها صناعات نفطية كبيرة: مثل بريطانيا في بحر الشمال، وإندونيسيا والبرازيل.
فحينما تنخفض أسعار النفط تفقد الحكومات قدرا من عائدات الضرائب، لكن يرجح أيضا أن تشهد مكاسب على صعيد الضرائب على الدخل، وإنفاق المستهلكين والأرباح التجارية غير النفطية.
وفي حالة بريطانيا، توقعت شركة بي دبليو سي للاستشارات الاقتصادية أن يكون الأثر الإجمالي لانخفاض أسعار النفط هو مزيد من عائدات الضرائب.
وهناك شيء آخر غير عادي في مسلسل انخفاض أسعار النفط، وهو أنه يرتب أثرا سلبيا حتى على الكثير من الدول التي تعد مستوردا خالصا للنفط.
والسبب هو انخفاض معدلات التضخم العمومية، إلى أرقام قياسية في العديد من الدول، وخاصة الدول ذات الاقتصادات المتقدمة.
ففي بريطانيا ومنطقة اليورو والولايات المتحدة واليابان، تستهدف البنوك المركزية تحقيق معدل تضخم بنسبة 2%، لكن المعدل العام للتضخم أقل من ذلك بكثير.


اترك تعليقاً