فشل نظام مرسى في إدارة ملف إثيوبيا

20130609-203926.jpg

كويت نيوز :

أن أزمة مياه النيل مع إثيوبيا كبيرة وأنها تهدد أمن مصر القومي، لكني احمل الرئيس محمد مرسي مسؤولية الفشل في إداراتها، رغم علمه بخطورتها، بدليل لقائه المسئولين في إثيوبيا أثناء قمة الاتحاد الأفريقي في أديس أبابا، قبل يوم واحد من القرار الإثيوبي بتحويل مياه النهر، دون علمه، «هذا دليل على فشل الإدارة بشكل عام وعدم جديتها في حل أي مشكلة». سد النهضة وخطر العطش لم تقتصر الأزمات في مصر على الداخل فقط بل امتدت إلى الخارج مع قيام إثيوبيا بإجراءات إنشاء سد النهضة وتحويل مجرى النيل الأزرق, وهو ما أثار الجدل في مصر حول المخاطر والآثار السلبية الناتجة عن بناء هذا السد, فقد أشار الخبراء إلى أنه سوف يؤدى إلى إنقاص حصة مصر, البالغة 55 مليار متر مكعب, بحوالي 15 مليار متر مكعب كما أن درجة أمان السد تساوى 1,5 بينما درجة أمان السد العالي تبلغ 8 درجات وهو ما يعنى أنه في حالة انهيار سد النهضة نظرا لطبيعة الأرض الإثيوبية المنحدرة سوف يؤدى ذلك إلى إغراق مدن عديدة مثل الخرطوم, كما أنه سوف يخلق أزمة عطش في مصر. وقد اتهمت قوى المعارضة النظام السياسي ذو المرجعية الإسلامية بالفشل في إدارة الملف, خاصة بعد أن قامت إثيوبيا بتحويل مياه نهر النيل عقب عودة الرئيس محمد مرسى من إثيوبيا بعد مشاركته في القمة الإفريقية وقبيل صدور تقرير لجنة الخبراء الثلاثية لتقييم أثار السد وهو ما يعنى استخفاف بمصر ومصالحها, واعتبرت المعارضة أن إثيوبيا لا تعطى أي اعتبار للنظام الحاكم في مصر وأن فشله في معالجة تلك الأزمة سوى يقود إلى آثار وخيمة على البلاد.

إن القوى السياسية تتابع أزمة سد النهضة الإثيوبي عن كثب، إن احتياجها لعلاج جاد يقوم على أساس توفير كل نقطة مياه لمصر بدون تقويض.وأوضح أن المنهج الصحيح لحل المشكلة هو امتلاك رؤية جادة لعدم حرمان مصر من توليد الكهرباء بشكل أساسي، مشددًا أن مصر فرطت في دورها الإفريقي منذ زمن بعيد، وأنه آن الأوان لكي تستعيده. أنه كان يجب على الرئيس مرسى أثناء زيارته لإثيوبيا أن تضم رحلته اكبر الخبرات في الشئون المائية وشئون العلاقات المصرية الإفريقية، بالإضافة إلى وفود من التيارات السياسية المختلفة والشعبية أيضاً.

إن مشروع إثيوبيا في تحويل مجرى النيل الأزرق يمثل تحولاً تاريخياً في مسار مياه نهر النيل، مطالبا إثيوبيا أن تأخذ مصالح مصر في الاعتبار، في نفس الوقت الذي تأخذ فيه مصر مصالح إثيوبيا باهتمام.ويجب علي الحكومة فورا بالدخول فوراً في مفاوضات ثنائية مع أثيوبيا لبلورة وتحديد وضمان المصالح المشتركة. واتهم حزب التجمع، الحكومة الحالية بالتقاعس وعدم الشفافية فيما يخص قرار دولة أثيوبيا بتحويل مجرى النيل الأزرق لبناء سد النهضة، مؤكدا أن اتخاذ أثيوبيا لقرارها عقب مغادرة الدكتور محمد مرسى أرضها بساعات يمثل إهانة للرئيس. واعتبرت المعارضة أن سد النهضة حلقة جديدة في حلقات الفشل المتكرر لجماعة الإخوان المسلمين وإدارتهم للبلاد, وظهرت العديد من نكات السخرية في الشارع المصري منها “أن نتائج مشروع النهضة الذي قدمه الإخوان في مصر قد ظهرت أثاره لكن في الخارج في إثيوبيا في سد النهضة”.

وقللت الرئاسة والحكومة من مخاطر سد النهضة واعتبرت أنه لن يؤثر سلبا على مصالح مصر المائية وأن لديها كل الخيارات والسيناريوهات للتعامل مع القضية إذا ما تأثرت حصة مصر من المياه وأعلنت وزارة الخارجية رسميا أن دولة أثيوبيا تعهدت بعدم الإضرار بمصالح مصر أو التأثير على حصتها المائية.وأكد السفير عمر عامر المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية أن القرار الذي اتخذته أثيوبيا لتحويل مجرى النيل الأزرق وبناء سد النهضة ليس له أي تأثير سلبي على كميات المياه التي تصل مصر .

ولاشك أن أزمة مياه النيل تمثل قنبلة موقوتة في مصر إذا ما حدث ضرر كبير من بناء سد النهضة لأنه سيؤدى لعواقب وخيمة على الزراعة والفلاحين وإنتاج الكهرباء وهو ما يزيد من معاناة المصريين بما يمهد البيئة المحتقنة والرافضة للتيار الإسلامي المسيطر على الحكم, ومن ثم فإن الأزمة تتطلب حكمة ورشاده في التعامل بما يحقق التوازن بين حق إثيوبيا في التنمية وبناء السدود لإنتاج الكهرباء وما بين عدم تأثر مصالح مصر المائية وحصتها التاريخية من النيل.

أن مصر أمامها 3 خيارات: إما اللجوء إلى الأمم المتحدة للتحكيم مع إثيوبيا، أو استخدام الدبلوماسية، وأخيرا الخيار العسكري، مع بضرورة التحرك في أسرع وقت حتى لا تموت مصر من العطش. إن النوايا كانت مبيتة لدى إثيوبيا لتنفيذ المشروع، في ظل الظروف السياسية والاقتصادية التي تعيشها مصر، وضعف الرئيس مرسى، في ظل الدعوات التحى تنادى بإسقاطه، في 30 يونيو المقبل. أن إثيوبيا رأت أن البيئة السياسية في مصر مناسبة للغاية لتمرير هذا المشروع، واختارت توقيت تحويل النهر بدقة، «مصر هانت على إثيوبيا، ومسئولوها قالوا إنهم لا يخشون القاهرة أو رد فعلها».أن هناك «خلافات وانقسامات داخل الوفد المصري في شأن جدوى الاستمرار في اللجنة الثلاثية التي لا تزال تبحث في الأمر فيما إثيوبيا تقيم وضعاً جديداً على الأرض، ومن ثم فلا جدوى من الدراسات أن «الخلافات ظهرت منذ بداية تشكيل اللجنة الثلاثية، إذ رأى بعض الأطراف ضرورة عدم انضمام مصر إلى هذه اللجنة، أو على الأقل الاشتراط على إثيوبيا وقف أي إجراءات لبناء السد إلى حين الانتهاء من الدراسات».

وتعود أزمة بناء السد الإثيوبي إلى منتصف العام 2010 عندما قررت 6 من دول منابع النهر هي إثيوبيا وأوغندا وكينيا وتنزانيا ورواندا وبوروندي التوقيع في أوغندا على معاهدة جديدة لاقتسام موارده، ما رفضته في شدة دولتا المصب (مصر والسودان) لما له من تأثير في الحصص التاريخية لهما والتي تقدر بـ 55.5 بليون متر مكعب سنوياً لمصر و18.5 بليوناً للسودان. لكن دول الاتفاق لم تعر احتجاجات دولتي المصب اهتماماً ودشنت إثيوبيا في (أبريل) 2012 مشروع «سد النهضة» الذي يتوقع أن يحجز نحو 63 بليون متر مكعب من المياه.

أن الاستجابة للمطالبات التي ثارت أمس بالتدخل بالقوة لمنع بناء السد الإثيوبي «مستبعدة تماماً». وأوضح أن «الخيار العسكري كان طرح خلال مناقشات جرت مع بداية الأزمة في عهد النظام السابق، لكن المسئولين رفضوها في شدة، وهو النهج المستمر حتى الآن».وشدد وزير الموارد المائية والري محمد بهاء الدين على أن «البدء في إجراءات تحويل الأنهار التي تجرى منذ فترة لا تعني موافقة مصر على إنشاء سد النهضة». وقال: «ما زلنا في انتظار ما ستسفر عنه أعمال اللجنة الثلاثية». وأضاف في بيان أن «تحويل الأنهار عند مواقع إنشاء السدود إجراء هندسي بحت يهدف إلى إعداد الموقع لبدء عملية الإنشاء».

أن «عملية التحويل لا تعني منع جريان المياه التي تعود من خلال التحويلة إلى المجرى الرئيس مرة أخرى، وموقفنا المبدئي هو عدم قبول مصر بأي مشروع يؤثر بالسلب في التدفقات المائية الحالية». وأشار إلى أن «أزمات توزيع وإدارة المياه التي تواجهها مصر هذه الأيام وشكاوى المزارعين من نقص المياه تؤكد أننا لا نستطيع التفريط بنقطة مياه واحدة من الكمية التي تأتي إلينا من أعالي النيل».

أن «موقف مصر من عدم معارضة أي مشروع تنموي في أي دولة من دول الحوض ما زال قائماً ومستمراً مع تأكيد عدم الإضرار بدولتي المصب مصر والسودان»، مشيراً إلى أن «هناك سيناريوهات جاهزة للتعامل مع النتائج المتوقعة والمبنية على التقرير الفني الذي سيقدم من اللجنة الثلاثية».وكشف محامي الكنيسة القبطية الأرثوذكسية رمسيس النجار أن الرئاسة فوضت بطريرك الأقباط البابا تواضروس الثاني للتوسط في الأزمة مع إثيوبيا. وأوضح أن البابا تلقى اتصالات من مؤسسة الرئاسة من أجل تدخل الكنيسة المصرية لدى الكنيسة الإثيوبية التي كانت تتبعها تاريخياً للتوصل إلى حل توافقي للأزمة، وأن البابا سيجري اتصالاته خلال ساعات.

وأضاف أن اللجنة الفنية الثلاثية التي شكلت لوضع تقرير عن آثار بناء السد «زارت موقع السد (أول من) أمس ولا يمكن الحكم على السد من دون صدور تقرير اللجنة». وأوضح أن «قرارات اللجنة ليست ملزمة، بل هي لجنة من خبراء لها وزن سياسي، ولا يمكن أن يضرب بتقريرها عرض الحائط، فهو تقرير له قيمة علمية وفنية وسيؤخذ في الاعتبار».

الكاتب :

الدكتور عادل عامر
دكتوراه في القانون وخبير في القانون العام
ورئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية والاجتماعية وعضو بالمعهد العربي الاوربي للدراسات السياسية والاستراتيجية بجامعة الدول العربية

شاهد أيضاً

وَاللَّهِ إِنَّكَ لَتَعْلَمُ أَنّنا نعْلَمُ أَنَّكَ تَكْذِبُ

عند السماع لتصريح وزير خارجية امريكا الذي قال بكل فضاضة ان الخارجية الأمريكية لم نر …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

كويت نيوز

مجانى
عرض