بعد أكبر تسريب في التاريخ: لماذا تُستخدم بنما ملاذاً ضريبياً؟

1460051144_21_1460025315017044900

كويت نيوز: لماذا يغسل الناس أموالهم في بنما؟ سؤال طُرح بعد الكشف عن وثائق بنما، التسريب الهائل للوثائق السرية التي يبلغ عددها أكثر من 11 مليون وثيقة يزعم اتصالها بشركة المحاماة في بنما «موساك فونسيكا»، ويقول الاتحاد الدولي للمحققين الصحافيين إن الشركة ساعدت في إنشاء شركات وهمية سرية وحسابات خارجي لعدد من ذوي النفوذ وقادة الدول والسياسيين البارزين.
فلماذا قد يريد أي شخص أن يأخذ أمواله إلى بنما؟ هذه أربعة أسباب رئيسة:

التاريخ

في حين ليست بنما الدولة الوحيدة التي يُخبئ فيها الناس أموالهم لتجنب الضرائب، إلا أن سمعتها كـ»ملاذ ضريبي» تعود إلى أكثر من مئة عام مضت، وفقا لدراسة نشرها المعهد النرويجي للبحوث في الاقتصاد وإدارة الأعمال.
وفي أواخر العشرينيات من القرن الماضي، ساعد المديرون التنفيذيون في «وول ستريت» بنما على تأسيس تشريعات تسمح لأي شخص بإنشاء شركة مجهولة معفاة من الضرائب.
وبعد نحو 60 عاما، جاءت أموال المخدرات، إذ صعد الديكتاتور البنمي، مانويل نورييغا، إلى السلطة في عام 1983، عندما كان يجني مهربو المخدرات في كولومبيا المليارات. وساعد نورييغا عصابة المخدرات الكولومبية «ميدلين كارتل» على إخفاء أموال المخدرات الخيالية، إذ كانت تلك العصابة، وفقا لصحيفة «وول ستريت جورنال»، تجني أربعة مليارات سنويا.
ورغم إطاحة أميركا نورييغا في نهاية المطاف، فإن علاقاته مع عصابات المخدرات الكولومبية عززت سمعة بنما كملاذ لغسل الأموال.

قوانين الشركات الملائمة

تم تعديل القوانين التي أنشئت في العشرينيات من هذا القرن لتسهيل غسل الأموال في بنما. إذ يمكن للشركات أن تتشكل بسهولة، ولا تحتاج إلى تقديم الإقرارات الضريبية أو بتدقيق حساباتها، وفي بعض الحالات يمكن أن تقدم لملاكها السرية التامة، وفقا لمؤسسي «إنسايت كرايم»، التي تدرس الجريمة المنظمة في أميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي.
كما تقدم بنما مجموعة كبيرة من الحوافز الضريبية، على سبيل المثال، لا تضطر العديد من الشركات لدفع الضرائب عند التعامل مع الشركات الأجنبية الأخرى. كما هناك تراخ في متطلبات التقارير التنظيمية، مقارنة مع أغلب الدول الأخرى.
ولاتزال بنما على القائمة السوداء للمفوضية الأوروبية للملاذات الضريبية والنطاقات القضائية غير المتعاونة، وأعلنت فرنسا هذا الأسبوع أنها وضعتها مرة أخرى على قائمتها السوداء.

الاقتصاد

يتمحور الاقتصاد في بنما حول الدولار، الذي تستخدمه الحكومات في المعاملات الدولية، ويعد أحد أبرز عملات الملاذ الآمن. كما أن الخدمات المالية لها أهمية بالغة بالنسبة لاقتصاد الدولة.
وتعتبر بنما مركزا للتجارة الدولية العملاقة بفضل قناة بنما، إذ يمثل دخل القناة 6 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للدولة.

الجغرافيا

تقع بنما على الحدود مع الدول ذات أعلى المستويات العالمية للإنتاج غير المشروع للمخدرات والاتجار بها. وتعرض تلك العوامل بنما لمخاطر عالية لاستخدامها ملاذا لغسل الأموال، وفقا لدراسة أجراها صندوق النقد الدولي في 2014. وقال الأمين العام لمنظمة التعاون والتنمية، أنخيل غوريا، في بيان، يوم الاثنين: «سلطت وثائق بنما الضوء على ثقافة وممارسات بنما السرية،» وأضاف: «بنما هي المعقل الرئيس الأخير الذي لايزال يسمح بإخفاء الأموال في الخارج من السلطات الضريبية والمكلفين بإنفاذ القانون».
وكان العديد من القادة المنتخبين و كبار المسؤولين في مختلف أنحاء العالم قاموا بالرد بالنفي وبغضب على مزاعم أنهم استخدموا شركات وحسابات خارجية سرية لإخفاء المليارات من الدولارات.
وتزعم تقارير وسائل الإعلام، التي جاءت استنادا إلى تسرب هائل من الوثائق، وجود شبكة سرية تشمل المقربين من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وعلاقات تجارية بين عضو لجنة الأخلاقيات في «فيفا» وأشخاص وجهت اليهم اتهامات فساد.
ورفض الكرملين هذه المزاعم بوصفها «سلسلة من الأكاذيب»، بينما وصف مسؤولو «فيفا» هذه الاتهامات بأنها «سخيفة». لكن بعض الحكومات تتحقق من هذه المعلومات، لمعرفة ما اذا كان هناك حالات محتملة من التهرب من دفع الضرائب. وقد نشرت عدة وكالات أنباء تقارير تعتمد على أكثر من 11 مليون وثيقة مسربة من مكتب محاماة في بنما «موساك فونسيكا»، يزعم أنه ساعد في إنشاء شركات وهمية سرية وحسابات خارجية.
الوثائق تعود الى عقود وتعود الى 12 من قادة العالم الحاليين أو السابقين، فضلا عن 128 سياسيا وموظفا عاما وفقا للاتحاد الدولي للمحققين الصحافيين، الذي أجرى تحقيقا دام عاما كاملا بالتعاون مع أكثر من 100 منظمة إخبارية مختلفة. ولم تستطع شبكة CNN التحقق بصورة مستقلة من التقارير، وتسعى للحصول على تعليق من أبرز الشخصيات المذكورة في التقارير.

شركات وهمية

ولا تشير الوثائق بالضرورة إلى نشاط غير قانوني. لكن شركات وهمية وحسابات خارجية يمكن استخدامها لإخفاء أصل المعاملات المالية والملكية. الملفات تشمل أشخاصا وشركات في القائمة السوداء من قبل حكومة الولايات المتحدة، بسبب صلات لهم بالاتجار بالمخدرات والإرهاب.
كما أنها تشير إلى أن شركة المحاماة في بنما، لم يكن لديها ضوابط كافية في المكان. فوفقا للاتحاد الدولي للمحققين الصحافيين، وجدت المراجعة الداخلية التي أجريت في 2015 أن الشركة عرفت هوية المالكين الحقيقيين لمجرد 204 من 14086 شركة أدرجت في سيشل، وهي أرخبيل في المحيط الهندي كثيرا ما توصف بأنها ملاذ ضريبي.
وقال رامون فونسيكا مورا، وهو المؤسس المشارك لـ «موساك فونسيكا» لـ CNN إن المعلومات التي نشرت حول الشركة كانت كاذبة ومليئة بالمغالطات.

لجنة لمراجعة الممارسات المالية

قال رئيس بنما، خوان كارلوس فاريلا، أمس الأول، إن حكومته ستشكل لجنة مستقلة، لمراجعة الممارسات المالية للبلاد في أعقاب تسريب معلومات من شركة بنمية سببت حرجا لعدد من زعماء العالم.  وأضاف: “ستشكل الحكومة البنمية، عبر وزارة الخارجية، لجنة مستقلة من خبراء محليين ودوليين، لتقييم أنشطتنا الحالية، واقتراح اتخاذ إجراءات سنشارك فيها مع دول أخرى في العالم، لتعزيز شفافية نظامنا المالي والقانوني”.

المدعي العام بجنيف يفتح تحقيقاً

قال المدعي العام في جنيف، أمس، إنه فتح تحقيقا جنائيا في ما يتعلق بأوراق بنما التي كشفت عن استخدام شركات بالخارج، منها شركات كثيرة أسسها محامون ومؤسسات مالية في المدينة السويسرية. ونقلت صحيفة “تريبيون دو جنيف” عن المدعي العام أوليفييه جورنو قوله في مؤتمر صحافي: “قررنا فتح إجراء في إطار مسألة أوراق بنما، لكن لا يمكنني ذكر المزيد”.

شاهد أيضاً

بعد تضاؤل فرص الهدنة في غزة.. ارتفاع أسعار النفط

ارتفعت العقود الآجلة للنفط في تعاملات اليوم الإثنين المبكرة، بعد رفع السعودية سعر الخام لمعظم …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

كويت نيوز

مجانى
عرض