العهد الجديد

20130624-230544.jpg

كويت نيوز :

العهد الجديد

الدكتور عادل عامر

تدخل مصر عهدها الجديد بعد ثورة ناجحة ضد النظام القديم الذي استند على ثورة أخرى اندلعت عام 1952 بقيادة ضباط من الجيش ضد الحكم الوراثي لأسرة محمد على باشا التي كان اخركم منها هو الملك فاروق .. تدخل مصر عهدا جديدا ابرز عناوينه الحرية والديمقراطية والتنمية والعدالة..ومنذ نجاح الثورة التي قادها الشباب المصري بقوة وإيمان بالتغيير تأبى قوى أخرى إلا وان تعيد أساليب الماضي وخاصة من جماعة الإخوان المسلمين الذين يكررون نفس الخطأ الذي جعل الجفوة تدوم بينهم وبين ثوار يوليو 1952 ..إلى أخر عهد فيه وهو نظام مبارك الذي تهاوى نتيجة سوسة الفساد التي بدأت بداخله وأوهنته وسقط بسهولة أمام قوة الشعب الذي يبحث عن الحرية .. فإدخال عامل الدين في السياسة هو أساس انطلاقة الجماعة في خطابها السياسي وهنا عادة ما تجد نفسها محاصرة ما بين هذا الخطاب الذي يفترض فيه المصداقية وما بين تقلبات السياسة ومواقفها التي تتطلب أساليب أخرى لا تتوفر عند أهل هذا التنظيم ليفاجأ الكثير من مؤيديهم بالتناقضات التي تحدث منهم وخاصة عند معالجاتهم لتلك الأساليب بأساليب مختلفة أهمها العنف والكذب .. والأساليب التي تتعارض مع الدين..وأخلاق المجتمع المسلم

فارتبطت هاتان الخصلتان بتنظيم الإخوان منذ تكوينه أيام المرشد حسن البنا الذي انشأ التنظيم وظلت معه وحتى الآن .. اذ تم اللجوء إلى الكذب في أحيان كثيرة ولكن عندما يكشف هذا من المناوئين لهم من السياسيين وتظهر الحقائق عارية يتم اللجوء إلى العنف وفى أحيان كثيرة يصل إلى القتل..كما حدث مع زعيم حزب الوفد الكبير النقراشي باشا والقاضي الخازندار الذي قتل بفتوى اخوانية بعد حكم أصدره .. الجيل المصري الحالي في معظمه لا يعلم كثيرا عن هذا التاريخ وعاد التنظيم بعد أكثر من أربعين عاما قضاها في مسح هذا التاريخ الأسود بالإعلام و بالأساليب الاخوانية المعروفة وبالتشويه على تاريخ محصور ومعروف ساعدهم في ذلك ظروف مصر السياسية في الحقب المختلفة التي تعرضت لها وخاصة بعد الهزيمة الإسرائيلية في عام 1967 والتي استثمرها الإخوان ببناء علاقة خاصة بأمريكا وقطبها حلف الناتو ضد الاتحاد السوفيتي وحلف وارسو وكانوا السند والعضد لأمريكا في حربها الباردة إلى حدثت كارثة أفغانستان وتدخل الاتحاد السوفيتي فيه مما أدى إلى تغيير كبير في السياسة العالمية التي استثمرها الإخوان لصالحهم

وقد يكون المدخل للحد من معضلة المساعدات الأميركية لمصر -التي تقدر بنحو مليار دولار سنوياً- العمل على تهيئة المناخ المناسب لعودة رأس المال المصري المهاجر وتوطينه في الاقتصاد المصري، وقد يعزز ذلك فرص سداد الديون المتراكمة على مصر التي وصلت إلى عشرات المليارات من الدولارات. أما بالنسبة لمستقبل سياسة مصر الخارجية في ظل العهد المصري الجديد، فقد توقعت صحيفة لوس أنجلوس تايمز الأميركية أن يحدث تغيير في سياسة مصر الخارجية، بيد أن التغيير لن يمس جوهر العلاقات الخارجية على الأقل في المدى القصير، لأن مصر لا تحتمل كلفة أي توتر في العلاقات مع الولايات المتحدة أو الغضب الدولي إذا تخلت عن اتفاقية كامب ديفد الموقعة 1979 مع إسرائيل. وقالت الصحيفة إن سياسة مصر الخارجية في ظل أول رئيس إسلامي هي عرضة للتغيير في الفحوى، ولكن ليس الجوهر. فالرئيس محمد مرسي سيواجه أزمات داخلية اجتماعية ومالية يتوقع أن تطغى علي الشؤون الخارجية خلال الأشهر المقبلة، ورغم الهجمات الشعبية على واشنطن فإن مرسي في أمس الحاجة إلى الاستثمارات الغربية والإقليمية للتخفيف من حدة الأزمة الاقتصادية التي اجتاحت أكبر الدول العربية سكانا. وقالت صحيفة واشنطن تايمز الأميركية إن فوز مرسي برئاسة مصر يمثل تحديا لإدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما, وذلك لأن نظرة الرئيس الإسلامي للعالم الخارجي كانت دائما محل خلاف مع واشنطن. والثابت أن المتابع لخطاب القسم الذي أدلاه الرئيس المصري المنتخب قد شدد على أهمية الإبقاء على علاقات دولية متوازنة لمصر في المستقبل القريب. ويمكن الجزم بأن تمتين الجبهة الداخلية المصرية في المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وصولاً إلى تحقيق متطلبات الشعب المصري في إرساء العدالة الاقتصادية والاجتماعية، من شأنه أن يعزز موقع مصر في إطار العلاقات الدولية في المدى المنظور. ثمة تحديات داخلية تواجه العهد الجديد في مصر، وفي المقدمة منها التحدي الاقتصادي، وتحدي تحقيق العدالة بأشكالها المختلفة. لكن الثابت أن مؤشرات ارتفاع معدلات الفقر والفقر المدقع، وتزايد نسبة البطالة، وتراجع الاحتياطي النقدي بشكل كبير، بالإضافة إلى عجز الميزانية، وتراجع ثقة المستثمرين، وأزمة السياحة، تمثل بمجملها تحدياً مفصلياً وجوهرياً بعد الثورة، خاصة بعد غياب الاستقرار إثر انطلاقة الثورة المصرية. وفي هذا السياق، تشير المعطيات إلى تراجع احتياطي النقد الأجنبي للبلاد، وعدم كفاءة السياسة المالية الذي أدى إلى قيام مؤسسات التصنيف الدولية بخفض التصنيف الائتماني لمصر نحو سبع مرات متتالية. وفي السياق نفسه، تعتبر معدلات البطالة الآخذة في الارتفاع من أهم المشكلات التي تواجه العهد الجديد في مصر، نظراً لتداعياتها الاجتماعية أيضاً. وتؤكد الدراسات أن نسبة البطالة قد وصلت في الريف المصري إلى نحو 60% خلال عاميْ 2010 و2011، بينما انتشرت ظاهرة الفقر بين 75% من سكان الريف خلال الفترة المذكورة. ومن جهة أخرى، تفاقمت مشكلات الفلاحين بشكل كبير منذ عام 2010، حيث ازداد تلوث المياه وتبوير الأرض، وارتفع سعر طن السماد من 1200 جنيه إلى 1400 جنيه، كما ارتفعت نسب الفساد بشكل كبير حتى إن هناك نوابا سابقين استولوا على مبلغ ثلاثة مليارات جنيه من أموال قرارات العلاج على نفقة الدولة، وهذا بحد ذاته يعتبر من التحديات التي تنتظر الرئيس المصري الجديد لأنه يمس بشكل مباشر المواطن المصري. واللافت أن نسب الجريمة في الريف المصري ارتفعت هي الأخرى بشكل كبير في السنوات الأخيرة. وإضافة إلى ذلك، هناك تحديات اقتصادية من نوع آخر تواجه الرئيس المصري الجديد، ومنها تداعيات الأزمة المالية على الاقتصاد المصري من جهة، والمساعدات الدولية -وخاصة الأميركية منها سبق هذه الخطوات اختيار أحد قيادات جماعة الإخوان وزيرا للإعلام في حكومة رئيس الوزراء الدكتور هشام قنديل وهو صلاح عبد المقصود الذي كان وكيلا لنقابة الصحافيين وتلا ختيار وزير الإعلام إعلان رئيس مجلس الشورى رؤساء تحرير 55 صحيفة قومية تابعة للدولة، منهم 80 في المائة أسماء جديدة ما بين صحافيين ينتمون للإخوان وحزب الحرية والعدالة، وصحافيين موالين للجماعة وليسوا على خصومة سياسية أو فكرية معها، وهو ما قابله الوسط الصحافي بانتقادات واسعة تتحدث عن وصاية التيار الإسلامي على الصحف القومية. ووضع مجلس الشورى شروطا لمن يريد شغل منصب رئيس التحرير، منها أن تكون لديه خبرة بالعمل الصحافي مدة لا تقل عن 15 عاما، وتقديم أرشيف بأعماله ورؤية للتطوير. وقامت لجنة من شيوخ المهنة وأعضاء بمجلس الشورى ونقابة الصحافيين بتقييم ملفات كل مرشح واختيار أفضل ثلاثة ترشيحات في كل إصدار لاختيار واحد منهم من خلال اللجنة العامة بمجلس الشورى. الملاحظ في التغييرات الصحافية والإعلامية الأخيرة أن نسبة المنتمين منهم لجماعة الإخوان وحزب الحرية والعدالة (الإخواني) محدودة للغاية، خاصة أن الجماعة لم يكن لديها عدد كبير من الكوادر الإعلامية والصحافية بسبب التضييق الذي كان يمارس عليها في عهد نظام مبارك. وعليه فإن التغييرات شملت عددا كبيرا من «المريدين» أو المؤيدين للتيار الإسلامي والمتعاطفين معه.

إن الأمم لا تبني أمجادها إلا بقوتين متعاونتين: قوة من سلاح وقوة من روح.. وأنا لا أريد بالروح تلك الانهزامية الاتكالية الواهنة التي تفر من الحياة، ولا أريد بها تلك القوة المكذوبة التي نسجها الغرور أوهاماً تملأ أدمغة الشبان الأبرياء! كلا! إنما أعني بالروح: تلك القوة المبدعة الخلاقة التي تنشئ الحياة.. تلك الفضائل التي بنت بها أمتنا الممالك وشادت الحضارات، وخاضت بها معارك التحرير في القديم والحديث، إنها الروح المستمدة من الإيمان بالله وبشرائعه، وهي الروح التي تفقدها أمم الحضارات اليوم، فهي أبداً ما تزال تنقلب من جحيم إلى جحيم. ولن تعرف الاستقرار والسعادة إلا يوم تتعرف إلى روحنا نحن، وتتقدم لتأخذها من يدي محمد والمسيح عليهما السلام!.

إن أمتنا وهي على عتبة حياة مليئة بتكاليف الكفاح وأعباء النضال، في حاجة إلى هذه الروح التي تحبب لها الفداء، وترخص الأموال، وترغب في الصبر، وتربى على الإخلاص، وتبث في النفوس أنبل عواطف الحب والإخاء والوفاء. وإن الامتناع عن الاستفادة من هذه الروح خوفاً من الطائفية البغيضة ليس إلا جهلاً بطبيعة هذه الروح وبحقيقة أمراض هذه الأمة.

إن الطائفية عداء وخصام واستعلاء طائفة على طائفة، وظلم طائفة لأخرى، فمن يستطيع أن يجرؤ على القول بأن هذه هي روح الدين في قرآنه وإنجيله؟ وأن هذه تعاليم الدين في إسلامه ومسيحيته؟.

حين اشتد أذى قريش بالمسلمين لم يجد رسول الله خيراً من نجاشي الحبشة يلجأ إليه أصحابه فيجدون عنده الأمن وحرية العبادة. فأمر صحابته أن يهاجروا إلى الحبشة، وكان الملك النصراني عند ظن الرسول الإسلامي، فاستقبلهم أحسن استقبال وأبى أن يسلمهم إلى قريش وقال لهم: بل تنزلون عندي أعزة مكرمين. ولما جاء نصارى نجران إلى الرسول في المدينة استقبلهم في مسجده وفق ديانتهم، فكانوا يصلون صلاة النصارى في جانب، ورسول الله يصلي صلاة المسلمين في جانب!.

وهكذا تآخى العارفون بدينهم.. يوم كان النصارى يفهمون روح مسيحهم، ويوم كان الإسلام يعلن للدنيا مبدأ حرية الأديان وتقديس الشرائع وتكريم موسى وعيسى وإخوانهما من أنبياء الله ورسله، فمتى حدثت الطائفية في تاريخنا؟

إن ”ما يحدث يرسخ الفرقة بين الشعب وكأننا في حرب وأصبحنا منقسمين على أنفسنا، ويكفي ما بالبلاد من احتقان ومشاكل اقتصادية، وعلينا التوجه لمرحلة البناء والتعمير والتنمية والتخلص من تلك الحركات”. ”لأننا لو افترضنا إجراء انتخابات رئاسية مبكرة وعزل الرئيس، فمن المتوقع أن يتمرد الإسلاميون أيضا ويطالبون بعزل الرئيس القادم”. ومما تقدم، يتبين أن سحب الثقة آلية معمول بها في دساتير العديد من الولايات الأمريكية التي تستخدم آلية سحب الثقة على جميع مسئولي الولاية المنتخبين، ومسئولي المقاطعة والمسئولين المحليين صعودا إلى مكتب حاكم الولاية. وقد يخضع القضاة أيضا إلى حملات سحب الثقة . وفي بعض الولايات قد يخضع أيضا المسئولين من غير الخاضعين للانتخابات إلى سحب الثقة، مثل الموظفين الإداريين، وقد استخدمت هذه الآلية في ولاية كاليفورنيا في العام 2003، حيث كانت الأسس لسحب الثقــة هي التقصير والمخالفات الخطيرة. وقد كان مطلوب من المؤيدين جمع تواقيع 12% من الأصوات في الانتخابات الأخيرة. في حين تطلبت العديد من الولايات الأميركية 25% من الناخبين لدعم سحب الثقة ؛ كما أن نسبة الـــ 12% في كاليفورنيا هي الأدنى فيما بين الولايات. كما تطبق آلية سحب الثقة في فنزويلا على رئيس الدولة المنتخب. والجدير بالذكر أن فكرة حملة “تمرد” قد بدأت بفكرة أخرى تم طرحها على الفيس بوك لسحب الثقة من أعضاء مجلس الشورى الذي يسن قوانين لا تعبر عن مصالح الشعب وتحول دون تحقيق أهداف الثورة فضلا عن عدم كفاءة أعضائه والتشكك في الدور التشريعي الذي يقوم به وإن على ملوكنا ورؤسائنا أن يتركوا قوانا الروحية تعمل عملها الإنشائي في كياننا الجديد، وخير لهم أن يرأسوا مجتمعاً يزخر بالفضائل، من أن يكونوا على رأس أمة انطفأت فيها شعلة الحياة الكريمة لأنها فقدت في قلوبها إشراقة الروح المؤمنة. هذا هو حكم الحق، وصدق الحديث، وفصل التاريخ، وكل انحراف عنه ضلال، وكل تجاهل له غباء، وكل محاربة له جريمة وفناء.

الكاتب :

الدكتور عادل عامر
دكتوراه في القانون وخبير في القانون العام
ورئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية والاجتماعية وعضو بالمعهد العربي الاوربي للدراسات السياسية والاستراتيجية بجامعة الدول العربية

شاهد أيضاً

وَاللَّهِ إِنَّكَ لَتَعْلَمُ أَنّنا نعْلَمُ أَنَّكَ تَكْذِبُ

عند السماع لتصريح وزير خارجية امريكا الذي قال بكل فضاضة ان الخارجية الأمريكية لم نر …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

كويت نيوز

مجانى
عرض