القاتل الصامت وراء جثث ثلاثة عمال بالشارقة

كشفت شرطة الشارقة أسباب وفاة ثلاثة أشخاص، داخل محل لتلميع السيارات بمنطقة أبو شغارة بالشارقة.

حيث عثر عليهم زميلهم ممدين على الأرض، فقام بإبلاغ الشرطة التي تبينت عند وصولها ومن المعاينة الأولية عدم وجود أي آثار عنف، وأن الجثث ملقاة في أماكن متفرقة من أرض المعرض، وأن جثتين في حالة تصلب، ما رجح وجود عارض بيئي قاتل، تبين في ما بعد أنه غاز أول أكسيد الكربون الذي يعرف بـ (القاتل الصامت)، إذ وجد بنسبة تركيز عالية في العينات المرفوعة من المتوفين.

تفاصيل الحادثة

وتشير التفاصيل بحسب جريدة البيان إلى أن غرفة العمليات المركزية تلقت بلاغاً بالحادث ظهر أمس الأول، حيث انتقل إلى الموقع فريق من ضباط وأفراد إدارة التحريات والمباحث الجنائية، ومسرح الجريمة.

ومن خلال المعاينة الأولية لمسرح الحادث، تبين أن المكان عبارة عن محل صغير لتلميع السيارات، لا يتسع لأكثر من سيارتين، ويوجد بداخله جزء علوي يتصل بدرج للصعود، وقد خصص كغرفة لسكن العمال، وتبين وجود ثلاث جثث للعمال المتوفين، أحدهم شاب عربي الجنسية في العقد الثالث من عمره، وقد تم العثور عليه ممدداً على الأرض داخل المحل، والثاني من الجنسية الآسيوية في العقد الثالث من عمره، وقد تم العثور عليه ممدداً داخل حمام بالمحل، أما الثالث وهو من الجنسية الآسيوية في العقد الثالث من عمره، فقد عثر عليه ممدداً بالملحق العلوي من المحل.

ومن خلال معاينة جثث المتوفين، لم يتبين وجود أي آثار للعنف أو علامات تدل على وجود فعل جنائي خلف الحادث، كما تبين أن اثنتين من جثث المتوفين كانتا بحالة تصلب، ما رجح تعرض المتوفين لعارض بيئي قاتل، نتج عن وجود تلوث ما داخل المحل.

وبمتابعة جمع المعلومات، تبين أن العمال الثلاثة المتوفين كانوا جميعهم يعملون بالمحل ويقيمون بالغرفة العلوية، بالإضافة إلى شخص رابع من الجنسية المصرية يعمل كمندوب مبيعات، هو الذي تولى الإبلاغ عن الحادث.

شهادة المبلِّغ وبالعودة لصاحب البلاغ وسؤاله، أفاد بأنه استيقظ في وقت مبكر وغادر الغرفة، بينما كان زملاؤه نائمين، وعند عودته في التاسعة صباحاً حاول إيقاظهم لبدء العمل دون جدوى، حيث اتصل بأحد زملائه، وهو شقيق أحد المتوفين، وحاولا معاً إيقاظ المذكورين دون جدوى، وبعد أن تأكد لهما وفاة المذكورين، قاما بالاتصال بغرفة عمليات الشرطة.

وبفحص السيارتين اللتين كانتا داخل المحل، تبين أن إحداهما كانت في حالة تشغيل منذ بعض الوقت، وأن محركها لا يزال ساخناً، وبسؤال المبلِّغ أفاد بأنه هو من قام بتشغيل السيارة والجلوس بداخلها لفترة طويلة خلال الليلة الماضية، ما رجح أن تكون وفيات العمال ناتجة عن الاختناق بتسرب غاز أول أكسيد الكربون المنبعث من عادم السيارة.

نقل الجثث وأمر وكيل النيابة المناوب بنقل الجثث إلى المختبر الجنائي توطئة لعرضها على الطبيب الشرعي، كما تقرر نقل المركبة المشتبه بتسببها في الحادث بدورها إلى المختبر الجنائي لفحصها، حيث تبين من خلال التقرير الذي أعده المختبر أن الوفاة تعود إلى الاختناق بغاز أول أكسيد الكربون، الذي وجد بنسبة تركيز عالية تراوحت بين 70 إلى 75 % في العينات المرفوعة من المتوفين.

مؤثرات وأدلة وصرح العقيد الدكتور عبد القادر العامري مدير المختبر الجنائي بشرطة الشارقة، أن كل المؤثرات والأدلة الأولية تشير إلى حدوث الوفاة نتيجة التسمم بغاز أول أكسيد الكربون المتسرب من عادم السيارة في المحل المشار إليه، والذي لا تتوفر فيه اشتراطات الأمن والسلامة.

وأضاف العقيد العامري أنه تكمن خطورة غاز أول أكسيد الكربون في أنه ليست له رائحة ولا لون ولا طعم، تنبه الضحايا لدى استنشاقه، ولذا سمي مجازاً بالقاتل الصامت، وتراكيزه المنخفضة تؤدي للوهن والنعاس، ما يؤدي لاستنشاق كميات أكبر منه.

مخاطر الانبعاث الضارة وطالب العقيد سلطان عبد الله الخيال مدير إدارة الإعلام والعلاقات العامة أصحاب المنشآت الصناعية والحرفية باليقظة والانتباه والحرص على توفير بيئة آمنة للعمال، وإبعادهم عن التعرض لمثل هذه الملوثات والمخاطر، والمحافظة على حياتهم وسلامتهم، مشيراً إلى التحذيرات التي سبق أن أطلقتها شرطــة الشارقة في هذا الصدد، والتي طالبت من خلالها بضرورة التقيد بتعليمات الأمن والسلامــة العامة الصادرة من الجهات المختصة.

حملة توعية

أوضح العقيد سلطان عبد الله الخيال أن شرطة الشارقة سوف تطلق حملة واسعة للتوعية من مخاطر الانبعاث الضارة، أو استخدام المواد التي تشكل خطراً على صحة وحياة الإنسان في كافة المنشآت والمرافق السكنية، وخاصة وحدات السكن العمالية والأماكن المكتظة، والحد من السلوكيات التي تعرض حياتهم للخطر كالنوم داخل المركبة وهي في حالة تشغيل، وإشعال الفحم والأخشاب داخل المنازل المغلقة، وتجديد الهواء بشكل مستمر حتى لا تتكرر المآسي من جراء استنشاق الغازات السامة بأنواعها.